*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
4- أصبحت خطبة الجمعة في جامع الشراباتي تظاهرة اجتماعية وسياسية للمواطنين الناقمين على الأوضاع السيئة في البلاد فقرر الحزب معاقبة الشيخ وتولى العدوان عليه فريق من الكتائب العمالية المسلحة للحزب.
وفي ليلة باردة من ليالي الشتاء داهموا بيته، فأخرجوه من غرفة نومه وطرحوه على أرض البيت ونزعوا عنه الفروة التي كان يلبسها (معطف من جلود الغنم)، وعمدوا إلى مكتبته فقلبوها وألقوا بالكتب خارج الغرفة تحت المطر، وصادروا محفظة نقوده وهويته وجواز سفره ونهبوا من أثاث البيت ما خف حمله، ثم اقتادوه إلى مركز المخابرات خارج المدينة، وهناك هددوه وتوعدوه ثم حبسوه في غرفة مظلمة أمضى بها ليلته قبل أن يطلق سراحه آخر الليل، فدفعوا به إلى الشارع ولم يسمحوا له باستدعاء سيارة أجرة، فمشى على قدميه 5 كيلومتر حتى آوى إلى بيته. وكانت هذه الجريمة سابقة لجرائم عدوان على العلماء، كانت أكثرها ضراوة جريمة قتل جماعي ذهب ضحيتها فضيلة مفتي حماه الشيخ بشير المراد وجميع المشايخ من أبنائه وإخوانه وأبناء عمومته.
5 – على أثر هذا العدوان ترك الشيخ الخطبة والإمامة وأمضى آخر أيامه بصحبة زوجته الثانية بعد وفاة أم ولديه وبعد فراقهما لأسباب سياسية جائرة حرمتهما من دخول البلاد. وبعد زيارة لهما تمت بوساطة كبيرة، عاد إلى حماه وقد أنهكه السفر والمرض فوافته المنية وهو يتوضأ لصلاة العصرسنة 1984، وفي اليوم التالي شيعته جماهير حماه في جنازة مهيبة إلى مثواه الأخير.
6 – إنه الشيخ محمود بن محمود الرياحي إمام جامع السلطان بحماة وخطيب جامع الشراباتي وعضو جمعية العلماء. يرجع نسبه إلى بني رياح (الرياحات)، قبيلة عربية موطنهم محافظة (تربة) جنوب مدينة الطائف في المملكة العربية السعودية. ولهم هجرات في بلاد الشام والعراق والمغرب العربي، وبرز منهم مشاهير في الشريعة والقانون والاجتماع والاقتصاد والسياسة.
7 – أيها الوالد الجليل، نشأت يتيماً وعشت كريماً وقضيت وحيداً، فاغفر لولد يحمل من فراقك حسرتين: حسرة لأنه لم يحضر وفاتك، وحسرة لأنه لم يحضر وفاة والدته قبلك. عظم الله أجرنا فيكما وفي جميع شهدائنا وشهيداتنا ضحايا دولة الإرهاب، وحسبنا الله ونعم الوكيل.
أين مني ذلك العلم أين وجه باسم وفم
وعلى عينيك بارقة ليس يحكي حسنها الحلم
بالتقى والزهد ملتزم بالهدى والدين معتصم
لك في المحراب دندنة لا يداني وصفها الكلم
وعلى المعراج زمجرة رجعت أصداءها الأكم
لو ترى الداعين في دأب لم يصبك اليأس والسأم
أو ترى الباكين في صخب لجفاك الهم والألم
كلهم لله منصرف يعتريه الشوق والندم
يا إماماً في طريقته قصرت عن شأوه الهمم
نم قرير العين في دعة قد رثاك القول والقلم