يُواجه رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو أزمة سياسية عميقة، كما يواصل خسارة الدعم داخل حزبه الليبرالي الذي يشهد انشقاقات، في حين ترجح استطلاعات الرأي خسارته في الانتخابات المقبلة.
ويواجه ترودو صعوبات منذ الاستقالة المفاجئة الأسبوع الماضي لنائبته كريستيا فريلاند التي تعد من أقوى حلفائه، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.
ويعتزم الجمهوريون رفع الرسوم الجمركية على الواردات الكندية إلى 25%، الأمر الذي فاقم أزمة ترودو إذ يتهمه المحافظون وأعضاء من حزبه الليبرالي بعدم القيام بما يكفي لمواجهة تهديدات ترامب بفرض رسوم كبيرة على الواردات الكندية.
كذلك ينتقدون تعاطيه مع سخرية ترامب الذي وصفه في الأسابيع الماضية “بحاكم الولاية الأميركية الـ51”.
وقد اتهمت فريلاند في خطاب استقالتها ترودو بتبنّي “حيل سياسية مكلفة” بدلا من مواجهة الرئيس الأميركي مباشرة، كما اتهمته بتغليب مصلحته الشخصية على مصلحة الكنديين.
وقد وضعت استقالة فريلاند -التي كانت تشغل أيضا منصب وزيرة للمالية- حكومة ترودو في حالة فوضى، وعجّلت وتيرة المطالبات باستقالته من قبل حلفائه وأعضاء بحزبه.
أحزاب كندية طالبت ترودو بالتنحي
وذكرت وسائل إعلام محلية أن أكثر من 50 من أصل 75 نائبا ليبراليا من أنتاريو سحبوا دعمهم لترودو أول أمس السبت خلال اجتماع لمناقشة مستقبله.
وردا على سؤال عن هذه التقارير الصحفية، أجاب آريا بأن “غالبية الأعضاء يرون أن الوقت قد حان لتنحي رئيس الوزراء”.
وقال النائب عن كيبيك، أنتوني هاوسفاذر، لمحطة سي بي سي، “سنكون في وضع مستحيل إذا بقي” في رئاسة الوزراء.
وكان ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات قد أجرى تعديلا وزاريا كبيرا يوم الجمعة الماضي، معلنا عن تغييرات في ثلث الوزارات، من دون أن يأتي على ذكر التوترات الحالية.
وفي ظل هذا الوضع، يتخلف رئيس الوزراء الذي قاد حزبه إلى انتصارين انتخابيين في عامي 2019 و2021، بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.
الديمقراطي الجديد يريد إسقاط حكومة ترودو
ضمّ الحزب الديمقراطي الجديد صوته إلى صوت كلّ من حزب المحافظين وحزب الكتلة الكيبيكية في الدعوة إلى إسقاط حكومة الأقلية الليبرالية في أوتاوا. وسيقدّم الحزب اليساري التوجه اقتراحاً ’’واضحاً‘‘ بحجب الثقة عن حكومة جوستان ترودو عند استئناف مجلس العموم أعماله بعد عطلة أعياد نهاية السنة.
و قال زعيم الحزب الديمقراطي الجديد جاغميت سينغ في رسالة وجّهها إلى الكنديين ’’لا يستحق الليبراليون فرصة أُخرى‘‘.
أضاف سينغ : ’’بغضّ النظر عمّن يقود الحزبَ الليبرالي، لقد انتهى وقت هذه الحكومة‘‘.
وأوضح سينغ أنه يريد أن يمنح الكنديين فرصة انتخاب ’’حكومة تعمل من أجلكم‘‘. ويقصد سينغ بذلك حكومة من حزبه، وإن كانت استطلاعات الرأي تضع حزب المحافظين في الطليعة بالنسبة لنوايا التصويت لدى الكنديين.
قال سينغ :”’سيعطي بيار بواليافر والمحافظون الرؤساءَ التنفيذيين والشركات الكبرى كلّ ما يريدونه، وسيقتطعون في خدماتكم لتسديد ثمن تلك الهدايا. سيقتطعون في الرعاية الصحية ورعاية الأطفال والمعاشات التقاعدية‘‘، .
ووفقاً للجدول الزمني المقرّر لمجلس العموم، لن يتمكن زعيم الحزب الديمقراطي الجديد من تقديم اقتراحه بحجب الثقة عن الحكومة الليبرالية قبل 27 كانون الثاني (يناير)، وهو الموعد المقرر لبدء الدورة البرلمانية المقبلة بعد عطلة الأعياد.
ويؤدي اعتماد اقتراح حجب الثقة عن الحكومة إلى إسقاطها والدعوة لانتخابات عامة مبكرة. يُشار هنا إلى أنّ بإمكان الحكومة البقاء في السلطة لغاية تشرين الأول (أكتوبر) 2025 في حال عدم إسقاطها قبل هذا التاريخ.
بوالييفر يدعو الحاكم العام إلى استدعاء البرلمان
أرسل زعيم حزب المحافظين بيير بوالييفر إلى الحاكم العام لكندا ماري سيمون يطلب منها استدعاء البرلمان على الفور للسماح بإجراء تصويت رسمي على الثقة.
واتخذ بوالييفر هذه الخطوة بعد إعلان الحزب الديمقراطي الجديد جاغميت سينغ أنه سينضم إلى حزب المحافظين والكتلة الكيبيكية لإسقاط حكومة الأقلية الليبرالية في أول فرصة.
وكان قد انتهى العمل البرلماني يوم الثلاثاء على أن يستأنف مجلس العموم أعماله في 27 كانون الثاني/يناير.
“لم يعد ترودو قادرًا على الحكم. لا يمكننا أن نحكم دون ثقة مجلس العموم”. قال بوالييفر بعد ساعات قليلة من إعلان رئيس الوزراء جاستن ترودو عن تعديل وزاري شامل في حكومته وأضاف “لهذا السبب سأرسل خلال دقائق قليلة رسالة إلى الحاكم العام أطلب منها استدعاء البرلمان للسماح بالتصويت على الثقة”.
وأضافبوالييفر: “نحتاج إلى تصويت في مجلس العموم قبل نهاية العام للسماح بإجراء الانتخابات والسماح للكنديين باستعادة السيطرة على بلادهم”.
ويعتزم بوالييفر إرسال رسالته أيضًا إلى زعيم الكتلة الكيبيكية إيف فرانسوا بلانشيت وزعيم الحزب الوطني الديمقراطي جاغميت سينغ حتى يتمكنوا من التوقيع عليها.
من جهته يقول ستيفان بولاك، الأستاذ في كلية الحقوق بجامعة مونتريال لصحيفة “لابريس” إن طلب بوالييفر لا يلزم الحاكم العام بأي حال من الأحوال باتخاذ أي إجراء..
“الفرصة التالية للتحقق مما إذا كان رئيس الوزراء قد فقد هذه الثقة ستأتي في كانون الثاني/يناير. في هذه الأثناء لا توجد طريقة من الناحية الدستورية، للتحقق من صحة الحجة القائلة بأنه لم يعد لديه ثقة مجلس النواب”.
وبالتالي ربما “من باب المجاملة، سيرسل ممثل الملك في كندا إقرارًا بالاستلام إلى زعيم المعارضة الرسمية”، لكن “ليس عليها أن تتلقى أي تعليمات منه”، كما يشير البروفيسور بولاك.
AF,RCI,SO,AJ
To read the article in English click this link
إقرأ أيضا : رشوة إنتخابية لكن لماذا؟ .. (صدر العدد الجديد)!