*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
- المفتي هو العالم الشرعي الذي يقوم بعملية الافتاء، مبيناً الحكم الشرعي فيما يعرض له من مسائل، ما يحل منها وما يحرم. وتلك هي الفتوى التي يعود الالتزام بها إلى المستفتي بخلاف الحكم القضائي الذي يلزم المحكوم عليه بتنفيذه أحب أم كره. وقد جرت العادة أن يكون لكل بلد اسلامي عالم شرعي يتولى الافتاء هو المفتي. وقد يستعين المفتي بعدد من العلماء فيكون للبلد مجلس فتوى.
- في مطالعة عن الافتاء والفتوى عثرت على قرار لمجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنبثق عن منظمة المؤتمر الاسلامي، المنعقد في دورته السابعة عشرة بمدينة عمان بالمملكة الأردنية الهاشمية بتاريخ 24 الى 28 حزيران يونيو 2006ورقم 15 نص على أن أهم
شروط وظيفة المفتي العلم بكتاب الله تعالى وسنة رسوله ص. وما يتعلق بهما من علوم، والعلم بمواطن الإجماع والخلاف والمذاهب والآراء الفقهية، والمعرفة التامة بأحوال الناس وأعرافهم، وأوضاع العصر ومستجداته، ومراعاة تغيرها فيما بني على العرف المعتبر الذي لا يصادم النص، والقدرة على استنباط الأحكام الشرعية من النصوص، والرجوع إلى أهل الخبرة في التخصصات المختلفة لتصور المسألة المسؤول عنها كالمسائل الطبية والاقتصادية ونحوها.
- وباعتبار أن الفتوى مسؤولية خطيرة لأن المفتي يعلن في الفتوى حكم الله كما ورد في الآية الكريمة (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) فقد رأيت من الضروري أن يكون القاضي شجاعاً لا يخاف في الله لومة لاءم، لأن الفتوى قد تصادم أشخاصاً ذوي نفوذ وسلطة يمكن أن تعرض المفتي للأذى. فقد جرى في تونس أن الحبيب بورقيبة أفطر رمضان ودعا الناس إلى الإفطار بحجة أن الصيام يضعف قدرة العمال والموظفين على الانتاج، فتصدى له المفتي الطاهر بن عاشور معلناً أنه قد كذب بورقيبة وصدق الله تعالى (يا أيها الذين أمنوا كتب عليكم الصيام). وفي حادثة مأساوية بليغة في مدينة حماة بسورية سنة 1982، بأمر من الرئيس حافظ أسد طلب من المفتي الشيخ بشير المراد أن يعلن بأن الذين ارتكبوا المجازر في حماة هم الأخوان المسلمون وأنه عين وزيراً للأوقاف فأنتفض المفتي غاضبا وقال لا والله لا أساوم على ديني بملك الدنيا كلها فقتل وقتل معه جماعة من المشايخ أبناءه وأبناء اسرته.
- وأن من المناسب أن نذكر قول الله تعالى (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة). فالمفتي حين يفتي يعلن حكم الله تعالى وتلك مهمة خطيرة لا يقوم بها إلا من أمده الله بتأييده لذلك كان السلف الصالحون من الصحابة والتابعين يفرون من الفتيا ويحيل الواحد منهم المستفتي إلى الآخر. وقد سئل الامام مالك مفتي المدينة عن أربعين مسألة فأفتى في أربع وقال في ست وثلاثين لا أدري.
وقال آخر من قال لا أدري فقد أفتى. وقد حذرنا رسول الله ص من أدعياء جهال إذا سئلوا أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.
- وقد تلقينا من مشايخنا أن الفتوى تقدر زماناً ومكاناً وشخصاً بمعنى أنها تختلف باختلاف الأزمان
وتتغير بتغير الأماكن وتناسب تغير الأشخاص فليس الكبير كالصغير ولا المريض كالسليم، وليس المسافر كالمقيم ولا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان. كذلك الأماكن والأحوال.