*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1- ما بين يوم ويوم، وليلة وليلة، تطلع علينا وسائل الإعلام الموجه، بمقولات غريبة تصادم ثوابت عريقة في العقائد والقناعات، يروجها أشخاص لهم هيئة رجال دين، وصفة علماء وأبواق أعلام، منهم من يزعم أن الجنة ليست وقفاً على المسلمين، وأن الله تعالى سوف يلغي النار. ومنهم من يدعي أن لرئيس الدولة قناة اتصال مباشر مع الله تعالى. وكل ذلك افتراءات وقحة تذكرنا بردة قديمة في العقيدة حصلت بعد وفاة رسول الله محمد ﷺ.
2- في سنوات القرن الماضي شاعت في مجتمعاتنا موجة من التقاليد الأجنبية في المأكل والمشرب والملبس وفي الحياة الاجتماعية تذكرنا بقول نبينا محمد ﷺ. لتتبعن سنن من قبلكم، شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا اليهود والنصارى؟ قال فمن غيرهم؟ والمعروف أن الضب إذا شعر بخطر خاف واختفى وأطلق خلفه رائحة كريهة. فكانت تلك ردة في الحياة الاجتماعية.
3- ورافق ذلك محاولات لإهمال اللغة العربية والتاريخ الإسلامي حتى وصل الخطر إلى النصوص القرآنية فقد صدرت طبعة للقرآن الكريم ورد فيها قول الله تعالى وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم دون كلمة منكم. وفي طبعة أخرى ورد قوله تعالى ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه دون كلمة غير. حتى عمدت مشيخة الأزهر إلى إتلاف تلكما الطبعتين وكلفت المقرئ الشيخ محمود خليل الحصري بتسجيل القرآن الكريم على أشرطة أذاعتها دار الإذاعة المصرية. ثم تكونت لجنة خاصة لمراجعة طبعات القرآن الكريم قبل ترخيصها.
4- ولم تسلم السنة الشريفة من الهجمة اللئيمة فقد تعرضت للطعن أحاديث الصحابي الجليل أبي هريرة رض وتناول الطعن السنة الشريفة من قول وعمل وتقرير كي لا تكون مصدراً للشريعة بمنزلة القرءان الكريم. فتصدى لهم الشيخ الدكتور مصطفى السباعي عميد كلية الشريعة بدمشق في كتابه السنة ومكانتها في التشريع الاسلامي وأكد أن السنة الشريفة مصدر أساسي للتشريع الإسلامي شأنها في ذلك شأن القرءان الكريم مصداقاً لقول الله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا صدق الله العظيم، وحذر من التهاون بشأن السنة الشريفة مذكراً بالحديث الشريف ألا هل عسى رجل يبلغه الحديث عني وهو متكئ على أريكته فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه حلالاً استحللناه وما وجدنا فيه حراماً حرمناه وأن ما حرم رسول الله كما حرم الله. صدق رسول الله ﷺ.
5- أحداث الصدمة، أسلوب خبيث يثير الشك في الثوابت لدى الإنسان ويجعله في حيرة ويحدث لديه استعداداً لقبول ما يلقى إليه من أفكار كي يهدأ ويستريح وهذا ما يفعله ضباط المخابرات ليعترف ضحاياهم بما لم يفعلوا كمثل من يجتث شجرة طيبة ليغرس شجرة خبيثة. وهذا ما حصل في تهمة المنافقين للسيدة عائشة رض في موضوع الإفك الذي وصفه القرءان الكريم بانه إفك مبين وبهتان عظيم.
6- ولاة الأمور هم الذين يفسحون المجال لدعاة الفتنة وهذا يشعر بتواطئهم معهم لأن من أهم واجبات الولاة الحفاظ على وحدة الأمة وتماسكها وسلامتها. فقد ورد في سيرة المهدي الخليفة العباسي أنه كان مولعاً برؤية الحمام في مجلسه فدخل عليه غياث بن إبراهيم وكان وضاعاً للحديث وأراد أن يتقرب إلى الخليفة فروى له الحديث الشريف لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر بزيادة كلمة جناح يقصد الحمام فانتبه المهدي إلى مراده وطرده من مجلسه قائلاً أشهد أن قفاك قفا كذاب على رسول الله وأمر بذبح الحمام.
7- أبو الحسن علي الحسني الندوي رئيس ندوة العلماء في الهند، قبل خمسين سنة، في ظروف مشابهة، أصدر رسالة بعنوان ردة ولا أبابكر لها بين فيها أن أوربا بعد الثورة الفرنسية تبنت الفلسفة العلمانية المادية التي تنكر وجود الخالق وتنفي الديانات وتقدس العلم المادي وصدرت دعوتها إلى العالم الإسلامي مقرونة برفض الموروثات الدينية والتاريخية واللغوية لآمتنا الإسلامية وهي تعلن اليوم ردة جديدة دون أن يوجد من يواجه ردتها.
8- محمد إقبال الفيلسوف والشاعر الباكستاني، نظم قصيدة بعنوان حديث الروح ترجمها الشيخ الصاوي شعلان قال فيها حديث الروح للأرواح يسري…….وتدركه القلوب بلا عناء ……….ومعدنه ترابي ولكن………..جرت في لفظه لغة السماء…يقول فيها. إذا الإيمان ضاع فلا أمان……….ولا دنيا لمن لم يحي ديناً……ومن رضي الحياة بغير دين فقد جعل الفناء لها قرينا.
9- لقد آن لنا اليوم أن ندرك الخطر ولعلنا نذكر قول الله تعالى إن الدين عند الله الإسلام. وقوله تعالى ومن يبتغ غير الاسلام ديناً فلن يقبل منه وهو في الأخرة من الخاسرين. وقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم. صدق الله العظيم