*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1- هتاف المرابطين في المسجد الأقصى المبارك وفي حي الشيخ جراح وفي مدينة القدس (لبيك يا أقصى)، أثار في نفسي ذكريات مأساوية ما أزال أحملها منذ 70 عاما أيام الدراسة الإعدادية. كانت البداية كلمات بليغة قرأتها على لائحة كبيرة فوق أحد المحلات التجارية في مدينتنا تقول: (المسجد الأقصى في خطر). تلك اللائحة كانت إحدى لائحات كثيرة أعلنتها منظمة المؤتمر الإسلامي في ذلك اليوم.
2- وكانت القدس يومها عاصمة الدولة العربية في فلسطين، وكنت أستمع إذاعتها في المذياع (الراديو)، ولست أنسى صوت المذيع وهو يعلن (هنا القدس .. هنا القدس). يومها تطوع لدرء الخطر عن المسجد الأقصى شباب تركوا مقاعد الدراسة الثانوية، لكن الخطر كان أكبر من جهودهم. وتبعت ذلك حرب شعبية قام بها متطوعون في جيش الإنقاذ، وحروب فاشلة قامت بها جيوش عربية كانت آخرها عام 1967 حرب الأيام الستة!! دون جدوى.
3- ثم تطور الخطر إلى عدوان، فتعرض المسجد الأقصى إلى حرائق وحفريات لتقويض بنائه، وجرت محاولات لاقتحامه من قطعان المستوطنين، ومن بعض زعمائهم السياسيين في دولة الاحتلال، قوبلت بانتفاضات فلسطينية شجاعة، وبقي المسجد الأقصى في حماية الله تعالى ونصرة المؤمنين من أهل فلسطين. هكذا كما نراهم اليوم في وسائل الإعلام صغاراً وكباراً نساءً ورجالاً يدافعون بأيديهم وأجسادهم قوات الاحتلال، ويواجهون القنابل الصوتية والغازات الخانقة ويتعرضون للضرب والاعتقال.
4- القرارات الدولية في منظمة الأمم المتحدة خلال سبعين سنة، وفي مؤتمرات القمة العربية ودورات الجامعة العربية العادية والطارئة ومنظمة التعاون الإسلامي واتفاقات كامب ديفيد وأوسلو، كل هذه القرارات لم تردع دولة الاحتلال عن ممارساتها العدوانية على المسجد الأقصى وعلى حي الشيخ جراح ومدينة القدس، لأن هذه القرارات لا تساوي في قيمتها ثمن الحبر الذي كتبت به والورق الذي كتبت عليه، ولم تكن إلا ذراً للرماد في العيون.
5- هذه هي الحقيقة المرة التي يعرفها كثير من العرب الذين تراهم اليوم يتسابقون إلى تطبيع العلاقات مع دولة العدوان! ولقد عرف الحقيقة شعراء في بلادنا، نزار قباني يوم عقب على أنشودة فيروز: اليوم اليوم وليس غدا … أجراس العودة فلتقرع. قال نزار: مهلاً فيروز ومعذرة … أجراس العودة لن تقرع، وأضاف شاعر آخر قوله: لو أدى الحزب رسالته … لأكلنا من جبل الأقرع (جبل في شمال غرب سورية يقصد الشاعر بيع سورية للعدو). ورحم الله تعالى الشاعر هاشم الرفاعي فقد كتب وصية لابنه يقول فيها: سيحدثونك يا بني عن السلام… إياك أن تصغي إلى هذا الكلام… صدقتهم يوما فآوتني الخيام.
6- هذه هي الحقيقة، إنه لا يعرف قيمة المسجد الأقصى إلا المرابطون فيه الذين قال فيهم رسول الله محمد (ص): لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة، قالو أين هم يا رسول الله؟ قال في بيت المقدس وأكناف بيت المقدس. صدق رسول الله (ص). وتحية لزعماء الحزب الديمقراطي الجديد في كندا على موقفهم المؤيد لحقوق الفلسطينيين في مسجدهم وبلدهم.