في عشرينيات القرن الماضي حصل علي سليمان الوحش على لقب “الأسد” لتوسله إلى الفرنسيين لحماية الأقلية العلوية في سوريا ذات الأغلبية السنية. وقد أعجبه اللقب فجعله اسما لعائلته، ولم يكن يعلم أن نسله لن يحكموا البلاد فحسب، بل سيتشاجرون يوما ما على غنائم دولة تقع تحت الأنقاض.
وهذا الصدع كما تقول الكاتبة أنتشال فوهرا في مقالها بمجلة “فورين بوليسي”، كان مرئيا في بداية الثمانينيات عندما حاول رفعت بن علي عزل أخيه الأكبر والرئيس حينها حافظ الأسد، الذي هو نفسه اغتصب السلطة في انقلاب قبل عشر سنوات من ذلك التاريخ، وقد نجح حافظ في تهميش رفعت وعلّم ابنه بشار كيف يوقف أنواع التمرد، العائلية وغيرها.
وعلقت بأن بشار كان ابن أبيه كما يشهد بذلك قصفه للمدن في جميع أنحاء سوريا وما نجم عن ذلك من قتل وتشريد الملايين الذين وقفوا ضده في الانتفاضة التي اندلعت عام 2011. كما شدد قبضته على عشرات من أبناء عمومته من خلال مجموعة من الحوافز النقدية وتهديد دائم لحياتهم.
وسرعت الكاتبة شريط الأحداث من عام 2011 إلى الشهر الماضي، مشيرة إلى أن ما لا يمكن تصوره حدث عندما تحدى رامي مخلوف -ابن عمة بشار وأحد أغنى أفراد الطائفة العلوية- قرار الرئيس بتسديد 230 مليون دولار من الضرائب المتأخرة، ممزقا بذلك المظهر الخادع الهش للتضامن العائلي.
وقالت إنه منذ ذلك الحين شكك العديد من أبناء عمومة الأسد في فعالية حكومة بشار واستهدفوه بشكل غير مباشر، ورأت أن انتقاد مخلوف نقطة انعطاف لنظام بشار، وأنه إذا فقد ولاء عائلته وغيرهم من أنصار طائفته، فكان لا بد من التساؤل إن كان يمكنه البقاء في السلطة للأبد.
وأشارت فوهرا إلى العديد من مقاطع الفيديو التي نشرها مخلوف عبر الإنترنت وحذر فيها بشار بطريقة غير مباشرة من المخاطرة بفقدان دعم الشريحة العريضة من العلويين، بما في ذلك رجال المليشيات الذين يتقاضون رواتبهم منه.
وتابعت بأن مخلوف استغل التوترات الطائفية القديمة عندما ألمح إلى أن الخطأ يقع على زوجة بشار السنية أسماء التي ألمح بأنها تحاول سرقة الأموال العلوية، مما يلقي بظلال الشك على التزام بشار تجاه مجموعته الطائفية.
ومضت الكاتبة بأن هذا النزاع أعطى أملا جديدا لمنافسي بشار داخل النظام الذين يأملون أن يكون مخلوف قد أضعفه بشكل دائم بين العلويين وفتح مجالا لتحدي دوره على رأس النظام، حتى مع أنه من المسلم به على نطاق واسع أن بشار سيقاوم بعنف أي معارضة مباشرة من داخل عائلته.
وعددت فوهرا أسماء بعض الأقارب الذين أبدوا امتعاضهم من بشار بسبب تعثر الاقتصاد، بل إن أنصاره العاديين بدؤوا يتساءلون إن كانت تضحياتهم تستحق ذلك، حيث دفع الموالون ثمن بقائه بالدم وفقدوا آلاف الرجال خلال الانتفاضة.
وفي نهاية الحرب توقعوا جني بعض الأرباح المادية، كالمزيد من الوظائف أو الترقيات أو المعاملة التفضيلية في العقود التجارية الممنوحة من الحكومة. لكن بدلا من ذلك، تركتهم الحكومة المفلسة أكثر فقرا وجوعا.
وختمت الكاتبة مقالها بأن روسيا تبدو في الوقت الحالي مهتمة بالسيطرة على بشار الأسد أكثر من اهتمامها باستبداله، ومن الآن فصاعدا سيجد صعوبة في السيطرة على البلاد، ولكن سيكون من الأسهل على روسيا السيطرة عليه هو.