دعوة - Dawaa

ودع أصحابه لكنهم لم يودعوه.. أصعب كلمة وداع في التاريخ

الوداع من أصعب المواقف على الإنسان، لكن هل تدري ما هو أصعب موقف وداع في تاريخ البشرية؟.. أصعب كلمة وداع قيلت في التاريخ هي قول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم لأصحابه في حجة الوداع: «لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا».

كلمات تهزم أي شجاع، وتهدم جبل يلف الدنيا بأسرها. الصحابة منهم من فهم الرسالة كأبي بكر الصديق حينما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عبدًا خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء، وبين ما عنده، فاختار ما عنده. فبكى أبو بكر وقال: فديناك بآبائنا وأمّهاتنا.

وأيضًا حينما أرسل النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، معاذ ابن جبل إلى اليمن في السنة العاشرة للهجرة، قال له فيما قال: «يا معاذ: إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري»، فبكى معاذ خشعًا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

هلا ودعنا رسول الله!

للأسف كثير منا ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم، بالفعل والعمل، فهؤلاء الصحابة وإن شهدوا وفاته لكنهم لم يودعوه أبدًا من قلوبهم، كان بينهم حيًا برسالته العظيمة، حفظوها عن ظهر قلب، حفظوا تصرفاته وأفعاله، وحكمته ومواقفه، فساروا على نهجه، فكان بينهم كأنه حي يرزق.

إلا أننا وكأننا فقدنا البوصلة، فودعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، بجسده وروحه، وبات قليل منا فقط هو يحيا فيه هذا النبي الأعظم، بكلماته وأفعاله.

اختبر نفسك عزيزي المسلم، هل يعيش معك رسول الله.. أم ودعته منذ زمن ونسيت؟.. لو كانت الأولى فاعلم أنه حي يرزق بين جوارحك وقلبك، وأما والعياذ بالله إن كانت الثانية، فاعلم أنك من ودعت الدنيا وأنت تحيا فيها دون أن تشعر.

هل مات رسول الله؟

إذا كانت الإجابة الموت التقليدي، أي فارق جسده الحياة، نعم بالتأكيد فهو الذي قال له الله عز وجل: «إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ»، لكن إذا كان المعنى الموت المعنوي، وموت المبادئ التي أورثها فينا، فللأسف كثير منا مات في قلبه هذه المبادئ.

هذا ما حذر منه المولى عز وجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، حين قال: «وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ ۚ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ۚ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا ۗ وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ» (آل عمران144).

وعلى الرغم من التحذير إلا أننا وقعنا في الفخ، ومات فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

لكن هل انتهى الأمر؟.. بالتأكيد لا.. طالما في الإنسان قلب ينبض، فإنه يستطيع أن يحي في نفسه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومبادئه وتعاليمه ومنهجه، فقط عد إلى الله تجد الله في انتظارك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى