*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
- وسائل الإعلام قبل أيام، نقلت إلينا أخبار الزلزال الرهيب في تركيا وسورية، وعرضت لنا صوراً عن الدمار الذي لحق بالمساكن والمرافق، وأودى بحياة أكثر من 40 أربعين ألفاً من البشر، وخلف أكثر من 80 ثمانين ألفاً من المصابين. شاهدنا عمليات الإنقاذ التي أخرجت الأطفال والنساء والرجال من تحت الأنقاض، الأحياء منهم والأموات، ورأينا أعمال الإسعاف والإيواء والرعاية، التي فاقت كل وصف وجاوزت كل بيان. صور أبكت مسؤولين وأضحكت شامتين وأدهشت مراقبين.
- هيئة الإرشاد في الطوارئ الكندية، ذكرت ما ينبغي على الإنسان عمله حين يشعر باهتزاز داخل البيت، أهمها الاختباء تحت شيء صلب، وحماية الرأس والنصف العلوي من الجسد، وخارج البيت الابتعاد عن الجدران المتصدعة، والتوجه إلى الأماكن المفتوحة، ومجانبة الزحام، وفي المحلات التجارية الابتعاد عن الرفوف التي تحمل المواد الثقيلة، وفي السيارة تجنب عبور الجسور. كل ذلك مع الاهتمام بحماية الرأس وأعلى الجسد.
- العلماء تكلموا عن الزلزال، ذكرو أنه تصدع في قشرة الأرض، ناجم عن حركة الصفائح السطحية، نتيجة ضغط المواد المنصهرة والغازات المحتبسة في باطن الأرض، وبسبب التفجيرات النووية التي تقوم بها دول معاصرة، وعمليات استخراج النفط والغاز من الأعماق، وترسب مواد التعرية على قاع البحار، تلك العوامل التي تسبب الاضطراب في توازن طبقات الأرض، فيحصل الزلزال. وقد ابتكر العالم الأمريكي (ريختر) مقياساً لشدة الزلازل، يتدرج 10 عشر درجات، حيث يبدأ الإحساس بالزلزال حين تبلغ درجته 3 ثلاث درجات، وهو الزلزال الضعيف، ويكون متوسطاً بين 4 أربع و6 ست درجات، ويكون قوياً بين 6 ست و 7 سبع، و ضخماً بين 7 سبع و 9 تسع درجات، ورهيباً بين 9 تسع و 10 عشر درجات. وقد بلغ الزلزال الحالي أكثر من 7 سبع درجات.
- والفقهاء ذكروا عن الزلزال قول الله تعالى ” إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2)” ، وقوله تعالى ” إِذَا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا “، وقوله تعالى: ” فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ “، و قوله تعالى: “أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاءِ أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ”، وقول رسول الله (ص): ” لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم (الشرعي)، وتكثر الزلازل”، و قوله (ص): ” أمتي مرحومة، لا عذاب عليها في الآخرة، عذابها في الدنيا، الزلازل و البلاء”، وقوله (ص) :” بين يدي الساعة، مَوَتَان (موت شديد)، وبعده سنوات الزلازل” ، وذكروا أن الزلازل عقاب للمذنبين وابتلاء للصالحين وعبرة للناجين.
- والشعراء لهم كلام عن الزلزال، فقد رثى الشاعر حافظ إبراهيم بلدة (مسينا) في صقلية، بأبيات قال فيها: ” نبئاني إن كنتما تعلمان….. ما دهى الكون أيها الفرقدان…… غليانٌ في الأرض نفّس عنه….. ثوران في البحر والبركان….. ما لمسين عوجلت في صباها….. ودعاها من الردى داعيان….. خسفت ثم أغرقت ثم بادت….. قضي الأمر كله في ثوان”.
- العلماء نظروا إلى السبب، والفقهاء نظروا إلى المسبب، والشعراء وصفوا الحدث، والله تعالى أعلى وأعلم، وعلى الإنسان أن يكون رابط الجأش في مواجهة الشدائد وأن يأخذ بأسباب الحيطة مستعيناً بالله تعالى، يردد الدعاء المأثور (اللهم احفظنا من بين أيدينا، ومن خلفنا، وعن أيماننا، وعن شمائلنا، ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا)، ونعم المولى ونعم المصير.