*بقلم: (المعلم) الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1- – في كل يوم صباحاً ومساء، ترد إلي في الهاتف المحمول، مفردات لا يجمعها جامع: نصوص شرعية وعبارات أدبية وقصص وحكايات ليس لها مناسبات، وأحداث من شرق وغرب وشمال وجنوب، تعكس حالة من الضياع يعاني منها شبابنا التائهون اللذين يتسلون بإضاعة الوقت مع أن الوقت هو الحياة، وأن مرحلة الشباب هي مرحلة الجد والاكتساب والعطاء لكل ما ينفع ويفيد. فذكرني ذلك بمقولة عربية خليجية هي قولهم (ما عندهم سالفة) بمعنى أن أحاديثهم ليس لها قيمة ولا اعتبار.
2- شبابنا اليوم ليس لهم اهتمام بأحداث تهدد وجود العالم، كأنهم لم يشاهدوا ما يجري في عالمنا من مآسي بسبب الاستبداد السياسي والتطهير العرقي والتمييز العنصري، ولم يقرأوا عن أزمات عالمية بسبب الفقر والجوع والمرض والبطالة والتضخم وقلة الموارد، ولم يسمعوا أخبار الفساد الأخلاقي وتجارة المخدرات، ولم يستشعروا مخاطر الدمار الشامل الذي يهدد وجودنا بسبب التسابق في صناعة الأسلحة الفتاكة، والانبعاث الحراري وتلوث البيئة.
3- شبابنا اليوم ليس لهم أهداف تحظى باهتمامهم ولا يملكون بوصلة توجه مسيرتهم، يجيدون السماع ويتقنون التلقي، هكذا أرادهم من تولوا قيادتهم، أرادوهم مطيعين منقادين ولم يرغبوهم في السؤال والبحث والافتراض والتجريب والاختيار، وتلك مهارات تجلب الوعي. جعلوهم يعيشون في الماضي البعيد قبل الولادة، والمستقبل البعيد بعد الموت، حتى نسوا حاضرنا الذي هو عمرنا وظرف حياتنا ووعاء نتاجنا، فنشأوا لا يملك الواحد منهم مشروعاً مفيداً في سياسة أو اقتصاد أو اجتماع، يمكن أن يعرضه في سوق المشاريع.
4- نحن اليوم في حاجة ماسة إلى شباب معاصر، يحمل كل واحد منهم هماً من هموم المجتمع المحلي والعالمي، ويسعى في أداء ما يزيل هذا الهم. وهمنا في مجتمعنا الكندي أن نحفظ وجودنا ونحقق هويتنا، وأن نتعايش مع شركائنا الآخرين، ونشاركهم العمل في كل مجال يجلب لنا السلام والسعادة، وهمنا في الوطن الأول أن نتابع ما يجري فيه من أحداث، وأن نقدم لأصولنا فيه كل عون ومساعدة، وهمنا في العالم كله أن يشيع الأمن والسلام وتتحقق العدالة والتنمية للناس جميعا. وفي سبيل ذلك علينا متابعة الأخبار المحلية والإقليمية والعالمية، كي نستشعر ما يعانيه معاصرونا من مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، ونتعرف إلى ما يطرح لحلها من مشاريع، لكي نعرض ما لدينا من معالجات على ضوء ما نملك من ثقافة وخبرات. وعند ذلك نستثمر كل يوم من أيام عمرنا، ولا يبقى لنا من الوقت ما نملؤه بما نتداوله من متفرقات لا تغني ولا تفيد.
5- أذكر في أيام الدراسة الإعدادية، لوحة معلقة في جدار المدرسة، كتبت عليها كلمات بليغة يجمعها بيت شعر، هو قول الشاعر: شباب قنع لا خير فيهم …. وبورك بالشباب الطامحينا. فليكن شبابنا طامحين، وليكن طموحهم في ما يرضي الله تعالى وينفع الناس. قال الله تعالى: (لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)(114)النساء صدق الله العظيم.