*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1- سبع سنوات عجاف تداهم شعبنا السوري في ولاية جديدة لبشار الأسد، سبع سنوات تكررت من قبل سبع مرات، أربع أيام الأسد الوالد وثلاث أيام الأسد الولد والخطيئة باقية في مقولة (سورية الأسد). مقولة أنكرتها فنانة سورية قالت: ليست سورية الأسد بل سورية العظيمة، فطردتها نقابة الفنانين، وأشاد بها مدرس لغة عربية فصار مستشاراً سياسيا للأسد الوالد، ثم إن المدرس الذي أتقن الصنعة ابتدع كلمتين أخريين بعبارة (سيد الوطن) ليخاطب بهما الأسيد الولد فصار وزيراً للثقافة. ثم لما انتهى دوره في قائمة المتسلقين ليحل محله من عليه الدور، غادر البلاد وانخرط في مسيرة الثورة فصار واحداً من أقطابها. هكذا هي الأمور اليوم في سورية فليت الثورة تغتسل من درنها كل يوم خمس مرات.
2- تعلمنا في المدرسة الابتدائية في درس للغة العربية، موضوع المضاف والمضاف إليه، وكان المثال الذي يبنى عليه الدرس عبارات: مدير المدرسة، معلم المدرسة، حارس المدرسة. الثابت هو المدرسة هي الأصل المضاف إليه والمدير والمعلم والحارس هو المتحول هو الملحق هو المضاف. وفي العبارة إياها سورية هي الثابت والأسد هو المتحول هو الملحق فيكون الصواب، أن نقول: أسد سورية. وحينئذ تصح العبارة لغوياً لكنها تنقلب إلى خطيئة تاريخية، فالمذكور كما يقول القائل (أسد علي وفي الحروب نعامة)، ونكون كمن أراد أن يكحلها فأعماها فالمقولة باطلة شكلاً وموضوعاً ولا سبيل إلى إصلاحها، وتبقى الخطيئة في قولنا: مستشفى الأسد، جامعة الأسد، حتى المسجد الذي هو بيت الله تعالى يكون بالباطل مسجد الأسد.
3- الأسد هو الرئيس، في الشوارع حيثما توجهت تماثيل الرئيس وفوق المباني وعلى وسائل النقل وعلى أوراق العملة صور الرئيس، وفي المدارس صور الرئيس على كتب التلاميذ ودفاترهم وفوق السبورة أمامهم. وفي الجامعات والمدارس خطب الرئيس هي المادة الرئيسة في المقررات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وبعد أن كان هتاف الجماهير في المناسبات الوطنية (عاشت سورية) صار الهتاف (بالروح بالدم نفديك يا أسد) ولترهيب الناس (يبقى الأسد او نحرق البلد)!!
4- الأسد الوالد هو الذي اغتصب السلطة بانقلاب عسكري وتواطؤ أجنبي، هو الذي عين النواب في مجلس الشعب وكلفهم بوضع دستور للبلاد يضمن له دوام الرئاسة ولأبنائه من بعده، دستور مطاطي إذا ضاق عن أحدهم يتسع ليكون على مقاسه، الرئيس فيه هو صاحب السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية وقائد الحزب الواحد وقائد الجيش والقوات المسلحة وأجهزة المخابرات… دستور وصفه مدرس تربية إسلامية بأنه يقرر سلطة الفرد المطلقة ويفرض على الشعب وصاية الحزب ويقمع الحريات باسم النظام العام، وقال في وصفه مدرس رياضيات: أنه دستور هرمي ولكن الهرم مقلوب!!
5- هذا هو الحال عن الرئيس، فما هو حال السوريين والسوريات؟ المواطنون الشرفاء هم أنصار الرئيس لهم الجاه والنفوذ والمال والمكاسب بغير حساب، أما المواطنون غيرهم فهم الخونة والأعداء، لهم السجون والمعتقلات، يطاردون في أشخاصهم وأرزاقهم ومتطلبات حياتهم، ويساق أولادهم إلى الخدمة العسكرية ليقتلوا أهليهم وجيرانهم، ومن يتخلف منهم عن أداء الخدمة تصادر أملاكه، فان لم تكن له أملاك، تصادر أملاك أسرته، فماذا إن لم يكن لأسرته أملاك، هل تصادر أملاك جيرانه؟! شر البلية ما يضحك.
6- سورية اليوم هي مأساة العصر، يحمل أوزارها في مجلس الأمن الفيتو الروسي والصيني وعلى ساحتها روسيا والفصائل الطائفية من إيران وأفغانستان وباكستان والعراق ولبنان. (سورية الأسد) خطيئة لم تصوب في درس لغة عربية نجمت عنها خطايا سياسية واقتصادية واجتماعية لم تصوبها بعد ثورة شعبية خلال عشر سنوات لكن الثورة مستمرة حتى النصر بإذن الله تعالى وحتى تصوب الخطيئة.