كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر من وعظ أصحابه والمسلمين أجمعين، حرصا منه على كل ما ينفع المسلمين وينجيهم من النار ويفتح لهم أبواب الجنة، كما أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت مواعظه لأصحابه بليغة تؤثر فيهم غاية التأثير، ولم يستثن النبي النساء من مواعظه بل قدم لهم كل ما ينفعهن في الحياة الدنيا، ويأخذ بأيديهن إلى الجنة.
تكثرن اللعن وتكفرن العشير
وقد ورد من نصائحه إليهن ما جاء عن ابن عمر –رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «يا معشر النساء، تصدق وأكثرن من الاستغفار، فإني رأيتكن أكثر أهل النار».. قالت امرأة منهن : مالنا أكثر أهل النار ؟ قال : «تكثرن اللعن، وتكفرن العشير، ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لب منكن» قالت : ما نقصان العقل والدين ؟ قال : «شهادة امرأتين بشهادة رجل، وتمكث الأيام لا تصلي» (رواه مسلم) وقوله : لا، أي : تنسين معروف الزوج وجميله , وفي الحديث الآخر:«لو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله ثم رأت منك شيئا يسيرا قالت: ما رأيت منك خيرا قط».
وعَنْ عَطَاءٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: “أَشْهَدُ أَنِّي شَهِدْتُ الْعِيدَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَبَدَأَ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَهُمْ فَرَأَى أَنَّهُ لَمْ يُسْمِعِ النِّسَاءَ، فَأَتَى النِّسَاءَ، فَوَعَظَهُنَّ، وَذَكَّرَهُنَّ، وَأَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَةِ، وَمَعَهُ بِلَالٌ قَائِلٌ بِثَوْبِهِ هَكَذَا أَيْ فَاتِحُهُ، فَجَعَلَتِ الْمَرْأَةُ تُلْقِي الْخَرْصَ، وَالْخَاتَمَ، وَالشَّيْءَ” متفق عليه.
الصدقة والاستغفار
في هذا الحديث الشريف لا يغفل رسول الله صلى الله عليه وسلم تخصيص النساء بالموعظة والتذكير، خاصة وأنه عليه الصلاة والسلام قد استشعر أن خطبته العامة المتوجهة إلى الرجال والنساء لم تصل إلى النساء، فعاد عليه الصلاة والسلام بمخاطبتهنَّ من جديدٍ.
وفي موعظة النبي صلى الله عليه وسلم كشف لهن عما ينجيهن من العذاب وذلك بالصدقة والاستغفار.
أما قوله صلى الله عليه وسلم : «وأكثرن من الاستغفار» دليل على أن الاستغفار سبب في نجاة المرأة عما يكون قد بدر منها من سوء العشرة الزوجية أو ما ارتكبته من خلل أو خطأ في حق زوجها وفيه دلالة أيضا على أن الاستغفار سبب في النجاة من النار يوم القيامة .
ويكشف الحديث عن مدى استجابة النِّساء لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومسارعتهنَّ إلى التصدُّقِ، ولو بأقلِ القليلِ، فكنَّ يتصدقنَ بــ “الخرص”؛ وهو الحليقَة الصغيرة التي تعلق بالأذن بالإضافة إلى التصدُّق بخواتمهنَّ وأقرطتهنَّ وعموم حُلِيِّهِنَّ، والأقرب أن الحُلِيَّ كانت مِلْكًا لهنَّ.
واستدل به على جواز صدقة المرأة من مالها من غير توقُّفٍ على إذنِ زوجِها، وعلى مقدارٍ معيَّنٍ من مالها؛ كالثُّلُثِ خِلافًا لبعض المالكيَّة.