*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1- جامعة الدول العربية التي يسمونها بيت العرب، تبلغ من العمر الخامسة والسبعين، بدأت حياتها 22-3-1945 بمشاركة سبع دول: مصر والعراق وسوريا ولبنان وشرق الأردن ثم السعودية واليمن. وتكاثرت بعد ذلك الدول حتى بلغت 22 دولة آخرها جزر القمر. انعقدت أول قمة لها في انشاص بمصر بتاريخ 28-5-1946، ثم تعددت القمم حتى بلغت 31 آخرها في تونس بتاريخ 24-3-2019، وتعددت اجتماعات مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية حتى بلغت 151.
2- في انشاص كان موضوع القمة وقف العدوان الصهيوني على فلسطين، والدعوة الى تحرير الدول العربية المستعمرة. ثم في بيروت بتاريخ 28-3-2002 طرحت مبادرة السلام العربية التي تقضي بانسحاب اسرائيل من الأراضي المحتلة في يوم 5-6-1967، وإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل لمشكلة اللاجئين. ولم تكن مؤتمرات القمة التالية سوى مناسبات للقاء رؤساء (تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى) ولم يأت واحد منها بخير.
3- عقد في القاهرة مجلس وزراء الخارجية العرب لإعداد قمة عربية مرتقبة في الجزائر، وقد استقال الوزير الفلسطيني من رئاسة المجلس احتجاجا على رفض المجلس طلبا فلسطينيا بإدانة التطبيع بين اسرائيل والامارات والبحرين، واعتذرت 6 دول عربية عن رئاسة المجلس حتى اقترح الإعلامي الإسرائيلي إيدي كوهين أن ترأسها اسرائيل ! وبذلك سقطت مبادرة السلام العربية، وسقط مشروع الدولتين لتعرض صفقة القرن التي قدمتها أمريكا ووافقت عليها اسرائيل وأهم بنودها إقامة دولة للشعب اليهودي عاصمتها القدس تضم المستوطنات الاسرائيلية بالضفة الغربية، ودولة للفلسطينين منزوعة السلاح فيما بقي من الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها بلدة أبوديس.
4- من الجدير بالذكر أن وثيقة تأسيس الجامعة تنص على أنها (منظمة إقليمية تعمل على توثيق الصلات بين الدول العربية، وتنسيق خططها الإقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية وتعزيز العمل العربي المشترك في مختلف المجالات …). والملاحظ أن الجامعة خلال شبابها، واجهت صراعات حدودية بين الدول العربية، في مصر والسودان والسعودية وقطر والبحرين والإمارات وعمان، أدت في يوم الى احتلال العراق للكويت، دون أن توفق الجامعة إلى تشكيل محكمة عربية تفصل بين أعضائها، حتى رفعت خلافاتها إلى المحاكم الدولية، ولم تتمكن الجامعة من إقامة سوق عربية، ولا منظمة اجتماعية، وعجزت عن تأليف كتاب يقرأه التلاميذ، لكنها والحق يقال أنجزت بنجاح مؤتمراً سنوياً لوزراء الداخلية يعقد في تونس !!.
5- وقد تصدع بناء الجامعة يوم ألغيت عضوية مصر بعد زيارة السادات لإسرائيل، ونقل مقر الجامعة إلى تونس، ثم أعيدت مصر، وألغيت عضوية سوريا بعد جريمة السلاح الكيماوي، وتجري اليوم محاولات لإعادتها. أما الكيانات العربية الخاصة: إتحاد العراق والاردن ووحدة مصر وسورية، واتحادها مع العراق والسودان وليبيا، واتحاد دول المغرب العربي الكبير، ومجلس التعاون الخليجي، فلم يوفق واحد منها وهي تولد ولا تعيش.
6- رحم الله أستاذنا في التاريخ، فقد ذكر لنا قبل سبعين سنة، أن جريدة تركية يوم أقيمت الجامعة، نشرت رسماً كاريكاتورياً يمثل سبعة جمال يقودها صبي أوروبي، وأن سياسياً مخضرماً تنبأ بأن اسرائيل ستكون عضواً في الجامعة العربية. وكان يقول لنا عن زعماء العرب بعد كل اجتماع لهم، اتفقوا على أن لا يتفقوا. وها نحن اليوم نسمع نائباً في مجلس الشعب المصري يطلب إلغاء الجامعة، ويشاركه عدد من المثقفين العرب يطلبون حل الجامعة وتوفير نفقاتها الباهظة دون فائدة. وكل ذلك يعني أن الجامعة ولدت مريضة، ومازال مرضها يتفاقم حتى أصبحت شكلاً بغير مضمون. وآن لنا أن نستخرج لها شهادة الوفاة. وليتنا نذكر أن بيت العرب في الأصل، قطعة من نسيج الشعر يقوم على عيدان من أغصان الشجر، لا يقي من الحر ولا يحمي من البرد، ويعاد رفعه كل ما عصفت به الريح دون جدوى.