قال تعالى: ” ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أن الأرض يرثها عبادي الصالحون” [الأنبياء 105] .
وعن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال: أخبر الله سبحانه وتعالى في التوراة والزبور، وسابق علمه، قبل أن تكون السموات والأرض، أن يورث أمة محمد الأرض.
وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إن الله نظر في قلوب العباد فوجد قلبه صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه، يقاتلون على دينه، فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئا فهو عند الله سيء.
قال الله سبحانه وتعالى: “محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود، ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه” [الفتح 29] الآية،
وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهود خيبر: «بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله صاحب موسى، أخيه المصدق لما جاء به موسى، ألا إن الله تعالى قد قال لكم، يا معشر أهل التوراة، وإنكم لتجدون ذلك في كتابكم: محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا..”.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: ذلك مثلهم في التوراة، يعني نعتهم مكتوب في التوراة، ومثلهم في الإنجيل قبل أن يخلق الله السموات والأرض.
وعن عمار مولى بني هاشم قال: سألت أبا هريرة رضي الله عنه عن القدر، فقال: اكتف منه بآخر سورة الفتح: محمد رسول الله والذين معه إلى آخرها يعني أن الله سبحانه وتعالى نعتهم قبل أن يخلقهم.
وقال أبي بن كعب رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل: سيماهم في وجوههم من أثر السجود [الفتح 29] قال: «النور يوم القيامة» .
وعنه أيضا في الآية قال: أما إنه ليس الذي ترون، ولكن سيما الإسلام وسحنته وسمته وخشوعه.
وروى عن قتادة رضي الله عنه في قوله: “رحماء بينهم”، قال: جعل الله الرحمة في قلوبهم بعضهم لبعض، سيماهم في وجوههم من أثر السجود، قال: علامتهم الصلاة، ذلك مثلهم في التوراة، قال: هذا المثل في التوراة أو مثلهم في الإنجيل، قال: هذا مثل آخر كزرع أخرج شطأه قال: هذا نعت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في الإنجيل قبل أن يخرج قوم ينبتون نبات الزرع يخرج منهم قوم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر.
يقول ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: “سيماهم في وجوههم” [الفتح 29] .
قال: صلاتهم تبدو في وجوههم يوم القيامة.. ذلك مثلهم في التوراة، ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه [الفتح 29] قال: سنبله حين يبلغ نباته عن حباته فآزره يقول: نباته مع التفافه حين يسنبل فهذا مثل ضربه لأهل الكتاب، إذا خرج قوم ينبتون كما ينبت الزرع، فيهم رجال يأمرون بالمعروف، وينهون عن المنكر، ثم يغلظ فيهم الذين كانوا معه، وهو مثل ضربه لمحمد صلى الله عليه وسلم يقول: يبعث الله النبي وحده، ثم يجتمع إليه ناس قليل يؤمنون به، ثم يكون القليل كثير ويغلظون، ويغيظ الله تعالى بهم الكفار يعجب الزراع من كثرته وحسن نباته.