عندما ضغط الاميركيون لخروج السوريين من لبنان، وخرجوا في 30 نيسان 2005، بعد سيطرتهم على الحكم فيه لعقود من الزمن، جاء هذا الضغط نتيجة لتعبير اللبنانيين بقوة وبكثافة في تظاهرات مليونية.
اليوم، وبعد سنة من تظاهر ملايين الناس، تراكمياً، رافضين لكل الطبقة السياسية الفاسدة التي أذلت الناس وأفقرتهم، جاءت العقوبات الأميركية على النائب جبران باسيل على خلفية الفساد تبعاً لقانون ماغينتسكي. وهذا أول غيث تجاوب المجتمع الدولي مع مطالب الشعب اللبناني لإنقاذه من “جهنم” الذي أوصله إليها “زعماء” لبنان!
إن أقصى تمنيات الثورة هي أن تصدر الأحكام بحق سياسيي لبنان عن القضاء اللبناني. ولكن للأسف، فإن الطبقة السياسية الحاكمة ترفض تحرير القضاء، حماية لفسادها. وها هي التشكيلات القضائية مخطوفة في زواريب القصر الجمهوري!وها هي الثورة تجبر القدر على الاستجابة باستمرارها. ولا يهم إن كان إيقاع تحركاتها يختلف تحت وطأة الكورونا، في حين ينتظر الكثيرون منها تظاهرات مليونية يومية أو انقلاباً عسكرياً!!
وها هي الثورة، بأسلوبها السلمي، بدأت تحصد دعم المجتمع الدولي للوقوف في وجه أهل السلطة الفاسدة. هذا المجتمع الدولي الذي يقوم دائماً بتعويم السلطة، كما في المبادرة الفرنسية الحالية. ويأمل الثوار أن تتخذ كل الدول الشرقية والغربية موقفاً واضحاً لدعم خيار الشعب بفرض حكومة حيادية بالكامل بصلاحيات استثنائية قادرة على الاصلاح وعلى إعادة إنتاج السلطة.
وتحتاج الثورة محلياً، بالإضافة الى دعم القضاء اللبناني المغيّب، الى دعم الجيش والقوى الأمنية، ليقفوا الى جانب الشعب في مواجهة السلطة، وليس الى جانب السلطة في مواجهة الشعب. كما تحتاج الثورة الى دعم إعلامي أكثر وضوحاً، خاصة من البرامج السياسية التلفزيونية التي ما تزال تساير كثيراً 8 و14، وتضع “إجر في البور وإجر في الفلاحة” بعيداً عن مناظرات حقيقية يواجه بها الثوار أهل السلطة. المعركة طويلة ولكن الثورة، التي تعمل جاهدة لتوحيد صفوفها، هي الحل… حتى في زمن الكورونا!