على الرغم من أن نظام الأسد كان قد وضع يده على شركة “سيريتل” للاتصالات الخلوية، عبر تعيين حارس قضائي عليها، قرر رامي مخلوف صاحب الشركة السابق، ورجل الأعمال وابن خال رئيس النظام السوري بشار الأسد، تقديم مبلغ 7 مليارات ليرة سورية، للمتضررين من الحرائق التي ضربت الساحل السوري في الأيام الأخيرة، وذلك عبر تدوينة له على حسابه الفيسبوكي، الثلاثاء.
وفي التفاصيل، قرر مخلوف تحويل مبلغ سبعة مليارات ليرة، لصالح متضرري الحرائق في الساحل السوري، بعدما تقدم بطلب بذلك، للحارس القضائي المعين من قبل النظام السوري، على شركة “سيريتل” كون الأموال المذكورة هي جزء من أرباح تلك الشركة، إلا أنه ربط بين تحويل تلك الأموال والدعوة لاجتماع هيئة عامة، أو انتخاب مجلس إدارة جديد للشركة التي باتت بعهدة رئيس النظام.
وفي إطار الحروب الإعلامية المندلعة بينه ورئيس النظام، منذ نهاية شهر نيسان/ أبريل الماضي، حذر ابن حال الأسد “من التأخير في عقد هذا الاجتماع، وعدم توزيع المبالغ”. وحمّل الحارسَ القضائي الذي عينه النظام على “سيريتل” مسؤولية “عدم توزيع المبالغ” على “أهلنا” و”حرمانهم من الدعم المالي”.
ويشار إلى أن الأسد، سعى في الفترة الأخيرة، إلى إبعاد أي دور لابن خاله رامي، عن أنصاره، فوضع يده على مؤسسته “الخيرية” الحاملة اسم “البستان” ثم استبدلها بمؤسسة أخرى، وبإشراف الأسد مباشرة، وتحمل اسم “العرين”.
وتفجر الخلاف بين الأسد ومخلوف، مع نهايات العام الماضي، عندما قررت مؤسسات النظام فرض غرامات مالية كبيرة على بعض شركات مخلوف، بدعوى إجحاف العقد الموقع بينه وحكومة الأسد، بحقوق خزينته والاتهام بالتهريب، فألقى الأسد الحجز الاحتياطي على أموال مخلوف، ثم توالت الإجراءات “العقابية” بحقه مع نهايات شهر نيسان/أبريل الماضي، عندما بدأ مخلوف بالظهور المصور على حسابه الفيسبوكي، مخاطبا الأسد، مرة، متوعداً نظامه مرة، ومتهما مؤسسات الأسد بالظلم والفساد.
وجاءت إجراءات الأسد العقابية، عبر مزيد من الحجز على أموال رامي، ثم إصدار قرار بمنعه من مغادرة البلاد، وتعيين حارس قضائي على أشهر شركتين تابعتين لمخلوف، هما “سيريتل” للاتصالات الخلوية، وشركة “شام” القابضة، وإجراءات أخرى كثيرة.
وكان مخلوف، في تغريداته الأخيرة، قد وصف ما حصل مع شركاته، بأنه أكبر عملية نصب في الشرق الأوسط، وتوجه لرئيس النظام السوري، بشار الأسد، بصفته رئيس ما يسمى مجلس القضاء الأعلى، بكتاب يطلب فيه ما سماه “إعادة الملكيات المنهوبة إلى الشعب” متهما مؤسسات النظام، بتوفير “غطاء أمني” لأكبر “عملية نصب في الشرق الأوسط” لصالح من يصفهم بـ”أثرياء الحرب”.
وتشير الأنباء الواردة من العاصمة السورية، إلى أن زوجة الأسد، أسماء الأخرس، كانت واجهة ذلك الصراع ما بين بشار ومخلوف، حيث تقود فريقا اقتصاديا، تمكّن من وضع يده على عدد من كبرى شركات الرجل المعاقب دوليا على فساده منذ عام 2008، عندما أصدرت الخزانة الأميركية قراراً بمعاقبة مخلوف ومصادرة أمواله ومنع الأميركيين من التعامل معه.
وتعود جذوة الخلاف بين الأسد وابن خاله، إلى حاجة الأول لسيولة مالية ضخمة بعد الضائقة الاقتصادية الخانقة التي يمر فيها، منذ شهور طويلة، ورفض مخلوف منحه المبالغ المطلوبة، فيما تؤكد تقارير المعارضة السورية، وتقارير دولية مختلفة، أن ثروة مخلوف، بالأصل، تم تجميعها عبر عمليات فساد بدعم مباشر من نظام الأسد.
ومن الجدير بالذكر، أن أسماء الأسد، زوجة رئيس النظام السوري، بدأت بالظهور إعلاميا منذ فترة، ما بين أنصار الأسد، خاصة في المؤسسات ذات الطابع الخيري، فقدمت منحا مالية لأنصار النظام، لإزاحة تأثير مخلوف داخل بيئة الأسد، بحسب مراقبين، فردّ مخلوف بمزيد من تقديم المعونات لهم، وجاءت حرائق اللاذقية التي أحدثت خسائر هائلة عند أبناء المنطقة، وسعت مؤسسة الأسد الخيرية “العرين” لتقديم مساعدات وصفت بالمحدودة، إلا أن مخلوف عاجلها وقدم معونات بالمليارات، واضعاً أنصار النظام، بينه والأسد الذي في تلك الحالة أصبح في موقف لا يحسد عليه، في خطوة فسرت بصفتها إحراجاً واضحاً لبشار لأنه إن رفض تحويل المبالغ بشروط ابن خاله، سيكون كمن حرم أنصاره من المساعدات، خاصة وأن مخلوف قال في نهاية تدوينته: “واللهم اشهد أني قد بلغت”.