عاد الهدوء الحذر لمحافظة إدلب السورية بعد توتّراتٍ استمرت نحو أسبوع، وتمثّلت بغياب الشرطة العسكرية عن المشاركة في الدوريات التي تسيّرها أنقرة في المنطقة الواقعة شمال غربي البلاد، حيث تعرّضت فيها مواقع المعارضة المسلّحة لهجومٍ عسكري مباغت من قبل قوات الجيش السوري وخلّف عشرات القتلى والجرحى.
وكشفت مصادر مطّلعة أن “مفاوضاتٍ روسية ـ تركية جرت خلال الأسبوع الماضي، بحث فيها كلا الجانبين التطوّرات الأخيرة في إدلب وشرق الفرات وغربه”، حيث المناطق الخاضعة لسيطرة “قوات سوريا الديمقراطية”.
كما أكدت أن روسيا وتركيا وافقتا على إبقاء الوضع الميداني كما هو في إدلب وشرق الفرات بعد رفض الأولى السماح للقوات التركية بشنّ هجومٍ عسكري جديد للسيطرة على بلدتي تل رفعت ومنبج، اللتين يتواجد فيهما مقاتلين أكراد.
“لا مقايضة”
إلى ذلك، رأى أن “موسكو لن تلبي الرغبات التركية وتفتح الطريق أمامها للسيطرة على تل رفعت ومنبج، وكان هذا الأمر محسوماً خلال اللقاء الذي جمع الرئيس فلاديمير بوتين ونظيره التركي رجب طيب أردوغان في آذار الماضي”.
وتابع أن “الرئيسين يعرفان أن اتفاقهما بخصوص إدلب لا يمكن تنفيذه بسهولة، ومع ذلك يحاولان كسب المزيد من الوقت قبل بدء جولة جديدة من المفاوضات بينهما”، لافتاً إلى أن “موسكو لا تحتاج لمقايضة مدن مع أنقرة أو ابتكار رواية جديدة للهجوم على إدلب، فالعذر جاهز مسبقاً وهو استمرار الهجمات الإرهابية في المنطقة”.
إلى ذلك، لفت إلى أنه “إن كان ولا بدّ أن تقدّم موسكو مقابلاً لأنقرة كي تتقدم قوات الجيش السوري نحو إدلب، فيمكن منح بعض شركاتها مشاريع خلال فترة إعادة إعمار البلاد، لكن لن تسمح بالهجوم على مناطق يسيطر عليها الأكراد، لأن ذلك قد يعيد الطرف الأخير إلى واشنطن بعد محاولات موسكو التقرّب منهم وإرسال قواتها إلى مناطقهم”.
الأكراد والروس
كما أكد أن “الأكراد شعروا بأن الروس خانوا ثقتهم حين سمحت موسكو لأنقرة بالسيطرة على مدينة عفرين، ولهذا السبب تحاول حالياً استعادة ثقتهم وتسعى لجعلهم شريكاً في عملية الحل السياسي، حيث وقعوا مذكرة تفاهم مع حزب (الإرادة الشعبية)، ومع أن حكومة دمشق قامت برفضها، لكن موسكو تسعى لعدم دفع الأكراد مجدداً نحو واشنطن“.
ويوم أمس، قامت القوات التركية والروسية بإجراء تدريبات على التنسيق أثناء الدوريات المشتركة، في ريف إدلب بعد يومٍ من قصف جوّي روسي.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لـ “العربية” الاثنين، إن “روسيا وتركيا علقتا الدوريات المشتركة على طريق حلب واللاذقية لأسباب أمنية، وستستأنفان تلك الدوريات فور هدوء الوضع”.
وشملت التدريبات، التركيز على التنسيق بين الجنود المشاركين في الدوريات المشتركة على طريق حلب – اللاذقية الدولي والتي انطلقت لأول مرة منتصف آذار الماضي، بموجب اتفاق وقف النار في إدلب.
كما تضمنت التواصل باستخدام إشارات محددة بين العناصر المشاركة في الدوريات “من أجل التنسيق بين الجنود الأتراك والروس في حالات الطوارئ كتعرضهم لهجماتٍ خلال ممارسة مهامهم”.
وقبل أيام، شنت قوات الجيش السوري هجوماً استمر لأيام على مناطقٍ تقع جنوب إدلب وأخرى على الطريق الدولي الذي يربط بين حلب والعاصمة دمشق ويمرّ من إدلب أيضاً. وأدى الهجوم العنيف وهو الأول من نوعه منذ 6 أشهر إلى مقتل وجرح 29 شخصاً على الأقل، بحسب منظماتٍ محلّية.
وبالتزامن، قصفت أنقرة والفصائل السورية المؤيدة لها مواقعاً لقوات “سوريا الديمقراطية” في منبج ولمقاتلين أكراد في تل رفعت.
ومنذ سنوات تطالب أنقرة، كلّاً من واشنطن وموسكو بضرورة تسليمها بلدة تل رفعت ومدينة منبج، الواقعتين في ريف محافظة حلب بالقرب من الحدود مع تركيا.