*بقلم: الأستاذة المربية جنان منيمنة
في الأيام الماضية قرأت كثيرا من المنشورات التي تتحدث عن مقارنة ما بين انفجار بيروت وبين فيضان السودان وحرائق سوريا. ووصلت هذه المقارنات إلى حد الاستخفاف بمُصاب لبنان بل و إلى حد الانزعاج من تعاطف المجتمع الدولي والإعلام العالمي مع لبنان مُرجعين هذا التعاطف إلى الطفلات الشقراوات والنساء الحسناوات والفنانات في لبنان وقرى الاصطياف فيه… وهو بحسب قولهم ما لم نشهده من تعاطف مع البلدان الأخرى المنكوبة.
برأيي أن هذه المسألة لا تقاس هكذا بهذه البساطة.
فهناك فرق كبير جدا بين تفجير نووي دمّر مدينة بفعل حكام مستهترين مهملين ومجرمين في وقت يرزح فيه البلد المنهك تحت عقوبات اقتصادية ويعاني من انهيار كامل، وبين كارثة طبيعية مثل فيضان أو حريق، طبعا على صعوبتها.
لذلك، في الكارثة الأولى تحركت الدول وتحرك الإعلام، لأنها أولا كارثة غير معهودة وصادمة (رابع انفجار عالمي في قوته) وثانيا لأنها مسألة سياسية وفيها مصالح دولية كبرى وتسابق على هذه المصالح. أما في الكارثة الثانية (الطبيعية) تتحرك فقط المنظمات الإنسانية والفرق الإغاثية المتخصصة في التدخل الإنساني في الكوارث لأنها مسألة إنسانية فقط وتتم الإضاءة عليها في الإعلام العالمي بهذا الحجم فقط، الحجم الإنساني، ككثير من الكوارث التي تحصل في مختلف بقاع الأرض يوميا، وبالعادة يخف الحديث عن أي كارثة في الإعلام بحسب وتيرة تكرارها، وهذا أمر معروف.
ليس أبدا الموضوع يتعلق بطفلات شقراوات، وبفنانين، وبمدن الاصطياف وما إلى ذلك…
نحن في لبنان نتعاطف جدا مع السودان وأهلها ومع سوريا وأهلها ونشعر بمصابهم جدا ونعلم تماما ما يعانونه، وندعو الله لهم أن يعينهم في مصيبتهم هذه، ونسعى لمد يد العون لهم بما نستطيع فهذا سلوك إنساني طبيعي وفطري بين الشعوب في الأزمات . لكن في نفس الوقت نحزن جدا، كلبنانيين متضررين ومحزونين ومنهكين ومتعبين ونعاني من وضع ضاغط جدا، عندما نقرأ مثل هذه المنشورات وهذه المقارنات التي تؤدي الى استخفاف بمصابنا.
فالمقارنات والمزايدات في المصائب يؤلم المصاب فوق ألمه، ويحزنه فوق حزنه.
أيها الأشقاء العرب، حلمكم بلبنان واللبنانيين…
#لبنان_يختنق
بيروت – 10 أيلول 2020 – بينما مرفأ بيروت يحترق مرة أخرى وبيروت تختنق…