*بقلم: الأستاذ الشيخ عبدالمنعم الرياحي / وندسور – كندا
1- في كل يوم نشهد تغيراً هائلاً في قيمة الليرة، والمؤشر هو الدولار الأمريكي، حيث يتراوح سعر الليرة السوريه بين ثلاثة الاف وخمسة الاف مقابل الدولار، كما يتراوح سعر الليرة اللبنانية بين خمسة آلاف وسبعة آلاف. ولا تستقر الأسعار على حال، وينعكس هذا التغير على أسعار المواد التموينية، حتى بلغ ثمن ربطة الخبز خمسمئة ليرة وثمن كيلو السكر تسعمئة ليرة وثمن كيلو الرز ألف ليرة. وقد ينفد المعروض فتتفاقم الأزمات.
2- في زيارة إلى لبنان الشقيق خلال سنوات العقد السادس من القرن الماضي (الستينيات) أذكر أني قدمت مئة ليرة سورية إلى أحد محلات الصرافة فرد لي الصراف سبعين ليرة لبنانية. يومها كنا نصرف الدولار الأمريكي بعشر ليرات سورية، وذلك يعني أن الدولار كان يعادل سبع ليرات لبنانية. ولنا أن نتصور اليوم ما يعانيه الناس من انهيار العملة، في بلدين يصنف الناس فيهما دون مستوى الفقر.
3- كانت العملة الورقية تصدر مضمونة بتغطية مادية من الذهب والفضة والمعادن الثمينة والمقتنيات غالية القيمة، يحتفظ بها البنك المركزي للدولة. ثم في مرحلة لاحقة ازدهر الاقتصاد الزراعي (القمح والقطن) والصناعي (النسيج والإسمنت)، وأنتج البترول ونشطت حركة التصدير والاستيراد. فتضاعفت واردات الدولة حتى امتلكت شركات ومؤسسات استثمارية. وأصبحت تمنح القرود لتنشيط الاقتصاد، فصار لها مقابل وفاء مناسب لما تصدره من عملة، وحلت التغطية الاقتصادية محل التغطية المادية التقليدية وحافظت العملة على قوتها الشرائية.
4- اليوم في سوريه بعد عشر سنوات من الحرب، تعطلت حركة الاقتصاد وأفلست مشاريع الدولة بسبب سوء الإدارة وسوء الأمانة، وأسرفت الدولة في الإنفاق على القطاعات الأمنية والعسكرية ولجأت إلى الاقتراض حتى عجزت عن أداء فوائد الديون. كل ذلك جعل عملتها مكشوفة بغير غطاء مادي أو اقتصادي، حتى أصدرت الدولة قرارا بالحبس والتغريم لكل من يرفض عملتها دون جدوى لأن الناس لا يثقون بغير الدولار.
5- ولنا أن نسأل عن سعي الزمرة الحاكمة إلى تملك العقارات في أبراج موسكو، كيف يتم ذلك؟ المؤكد أن الروس لا يقبلون البيع بغير الروبل والدولار، فمن أين يأتي أولائك بهما؟! الجواب ليس إلا بيع القواعد البحرية في اللاذقية وطرطوس والقاعدة الجوية في حميميم، لتعود بنا الذاكرة إلى بيع مرتفعات الجولان. ورأس الزمرة الحاكمة أن يسرق فقد سرق أب له من قبل، وسرق عم له يواجه اليوم عقوبة السجن وتصادر ممتلكاته بالمال الحرام، وسرق خال له وابن خال، وحين يختلف اللصوص تظهر السرقات.
هكذا الأمر في سوريه، فماذا في لبنان؟ الأخبار عند الأخوة اللبنانيين الذين يطاردون اليوم سارقيهم في المدن والأرياف.