وصلنا مقال من نائبة رئيس الرابطة الكلدانية في ويندسور سابقا السيدة بشرى حنا بعنوان ” المحبة والتعاون اساس نجاح المجتمع “.
اني مربية و معلمة و مترجمة و نائبة رئيس الرابطة الكلدانية (سابقا) و رئيسة تحرير جريدة صوت وندوزر (سابقا).
لقد خدمت هاتين الجاليتين على مدى اكثر من 20 عاما ومازلت. كل الذي لمسته خلال هذه الفترة ان هناك اواصر الفة و محبة و تاريخ مشترك يربط بين هاتين الجاليتين. هناك الكثير من امثلة التعايش السلمي بين الجاليتين خاصة العربية و الكلدانية في بلدنا الام لتمتد وتزدهر في بلاد المهجر.
اسمحو لي ان اشاطركم بعض امثلة التعايش السلمي البسيطة من خلال تجربتي
كلنا يعلم باننا نمر بازمة جائحة كورونا ومن منطلق مساعدة الكادر الطبي و المستشفيات في مدينة وندوزر دعوت الى خياطة الكمامات الطبية مع فريق اسميته “سيدات الامل”. بدأ هذا الفريق باربعة نساء كلدانيات فقط ومن ثم كبر وضم نساء مسلمات و جمعيات اجتماعية. اليوم هذا الفريق قد تبرع باكثر من ٧٠٠٠ كمامة الى مستشفيات وندوزر وحصل على رسالة شكر و تقدير من مستتتشفى ريجنال وندوزر والعمل لازال جاري. عندما بدأ هذا الفريق بالعمل اعتمدت “سيدات الامل” على لوازم الخياطة المتوفرة في بيوتهن ولكن بعد ذلك كانت هناك حاجة الى التبرع “ليس بالمال ولكن بمستلزمات الخياطة “. بدأ الفريق يعلن على مواقع التواصل الاجتماعي عن حاجته الى اقمشة ومكائن ولوازم خياطة. اخذت التبرعات تنهال على هذا الفريق من افراد ومؤسسات اجتماعية، لقد كانت جمعية الهلال العربي الاحوازي السباقة في ذلك، فلقد اتصل بي السيد راضي درويش الفيصلي رئيس الجمعية وقال لي بالحرف الواحد “اختي امري ماالذي تحتاجينه” قلت له كل تبرع من ايدي الخيرين مقبول. اشترت هذه الجمعية لوازم خياطة تقدر ب 235$. لم يقف كرم هذه المنظمة الى هذا الحد بل ان السيدة حرم السيد راضي اصرت ان تخيط الكمامات مع فريق الامل و تبرع بعض المتبرعين الكلدان مع “ام محمد” بغسل و كوي الكمامات و مساعدتها عند الحاجة. كذلك قامت بعض النسوة العراقيات المسلمات والتي لااعرفهم شخصيا بالاتصال بي والتبرع باقمشة وخيوط ولوازم خياطة اخرى. كذلك قامت جمعية مار بطرس الكلدانية (كيبا) بالاتصال بفريق سيدات الامل والتبرع بالاضافة الى افراد من الجاليتين المسيحية و المسلمة ولم يسأل احد ماهو دين الفريق؟ لان الدين محبة وشعور بالمسؤلية.
كما اسلفت انا معلمة واحب طالباتي من غير ان اعرف ماهو دينهن. في فترة عيد الميلاد المجيد 2019 عادة تزين الصفوف برموز تدل على الاحتففالات بهذه المناسبة وتشترك بها الطالبة المسسيحية و المسلمة (من غير ان يكون طلب او ضغط) لوضع الزينة على الشجرة. في نهاية عام 2019 ذهبت طالبتين مسيحية ومسلمة من غير علمي وآشترين شجرة عيد الميلاد والطالبة المسلمة اصرت ان تدفع ثمن الشجرة بنفسها ولكن انا وبقية الطالبات مارسن ضغوطآ عليها حتى قبلت جزء من ثمن الشجرة. قررت ان اسمي هذه الشجرة “شجرة المحبة” وان تبقى الشجرة في الصف طيلة السنة ونحتفل كل شهر في مناسبة معينة. احتفلنا بعيد الميلاد المجيد,عيد الحب ورأس السنة الصينية وكنا سنحتفل برمضان ولكن جائحة كورونا منعتنا من ذلك. ان هذه الشجرة ستبقى مثالا حيا للتعاون والتآخي بين الجاليتين.
لقد خدمت في الرابطة الكلدانية لمدة ٣ سنوات وخلال هذه المدة لم ارى غير التعاون والتكاتف بين الجاليتين. كان هناك حوار واحترام واحتفال وحضور مناسبات فرح وعزاء ومناسبات دينية بين الطرفين وان الرابطة الكلدانية قد خدمت الجاليتين المسلمة والمسيحية من خلال استضافة موظفين في السفارة العراقية لأصدار وثائق قيد الحياة حتى يتمكن المواطنون العراقيون استلام رواتبهم التقاعدية وتمشية معاملاتهم. كنت ترى المسيحي والمسلم يتطوع لخدمة الجالية المسلمة والمسيحية وقد تكررت هذه الحالة اكثر من مرة والكل يغادر ويشكر الرابطة الكلدانية على خدماتها.
وعندما كنت رئيسة تحريرجريدة “صوت وندوزر” لم اسمح لأي مقالة دينية او سياسية تدعو الى التفرقة ولا حتى فكاهه او كاريكاتير يخدش مشاعر الاخرين. كنت اسأل طالباتي من الجاليتين عن المواضيع التي تهمهن حتى اكون الناطقة باسم مشاكلهن.
اعزائي انا لم اكن مؤيدة لما جرى وقد نابني الكثير من الكلام الجارح والاتهامات التي لم اتصور انها سوف تأتي من ابناء جلدتي لمجرد دعوتي لهم بالتعقل وعدم المغامرة بهذه العلاقة الحميمة بين الجاليتين.
احبتي دعونا نحكم العقل ولاننجرف الى العواطف ونركز على النقاط المضيئة المشتركة. لاتدعو كرة الثلج هذه تكبر لانها سوف تسحق الجميع المسلم والمسيحيي
لتكن محبة الله و الانسانية دستورنا
اختكم بشرى حنا