ليس الوقت مناسبًا لرفع سقف التوقعات والطموحات والآمال، يقول البعض، فالأزمة الاقتصادية والمالية التي تضرب لبنان منذ أشهر طويلة لن “تذهب مع الريح” بكبسة زرّ، بل إنّ بعض الخبراء الاقتصاديّين والماليّين لا يبالغون حين يتحدّثون عن “عمل شاق” يتطلّب سنوات، يجب أن يحصل للعودة فقط إلى ما قبل “الذروة”، في أواخر العام 2019.
رغم ذلك، ثمّة بعض المؤشّرات “الإيجابية” التي طرأت في الأيام الأخيرة ينبغي الوقوف عندها، لعلّها تشكّل “مفتاح” خريطة الطريق نحو “الفرج”، ولو بدا بعيد المنال في الوقت الحاضر. من هذه المؤشّرات، بلا شكّ، “الهبوط” المرصود في سعر الدولار، بعد ارتفاع “جنونيّ” غير مبرَّر سُجّل في الآونة الأخيرة، اختفت معه قدرة الكثير من اللبنانيين على “الصمود”.
أما ثاني المؤشّرات، وربما أهمّها، نظرًا لحجم “التعويل” عليه، فيبقى “الإفراج” عن الحكومة بقرار ثنائيّ “حزب الله” و”حركة أمل” العودة عن قرار “مقاطعة” مجلس الوزراء، ولو بدت “مشروطة”، إلا أنّها انعكست تلقائيًا على الشارع، في ظلّ ترقّب لجلسات الموازنة الأسبوع المقبل، التي قد تفسح المجال نحو تحقيق مشروع “الإنقاذ” الذي طال انتظاره.
الدولار إلى انخفاض
مع تسجيل الدولار مستويات “قياسيّة” في الأسبوعين الماضيَين، تخطّى معها “حاجز” الـ30 ألف ليرة، “انعدمت” قدرة الكثير من اللبنانيين على “الصمود”، خصوصًا أنّ ذلك تزامنًا مع ارتفاع في أسعار المواد الاستهلاكية، ولا سيما الأساسي منها، بما فاق كلّ التوقعات، وهو ما كرّس واقعًا من عدم الأمان ازداد “سوداويّة” مع “تبشير” البعض بأنّ الدولار ماضٍ في ارتفاعه، وقد يصل إلى 50 وربما 100 ألف في المدى المنظور.
صحيح أنّ مثل هذه التوقعات “المتشائمة” تبقى سارية، خصوصًا أنّ ارتفاع الدولار يبقى بلا أفق، وأنّ صعوده وهبوطه لا يلقى “المبرّرات المقنعة” في الغالب الأعمّ من الأوقات، إلا أنّ الصحيح أيضًا أنّ انخفاضه، ولو كان نسبيًا، يبقى عامل “طمأنينة” للناس، الذين بات بعضهم، لسخرية القدر، “يتفاءل” بالحديث عن “تثبيت” سعر الدولار على مستوى 20 ألف، فيما السعر الرسمي ثابت على 1500، بوصفه “أهون الشرّين”.
لكنّ المشكلة في الهبوط المتسارع للدولار، الذي يعزوه البعض إلى “الاستقرار السياسي”، فيما يربطه البعض الآخر بالتعاميم الأخيرة لمصرف لبنان، تبقى في أنّ معظم الأسعار بقيت “جامدة”، وأنّ أيّ انخفاض لم يطرأ عليها، وإذا طرأ فبشكل أكثر من “متواضع وخجول”، وهو ما يردّه البعض إلى “الطمع والجشع”، ولكن قبل ذلك إلى “الرهان” على “الوقت” لعودة الدولار إلى الارتفاع، عاجلاً أم آجلاً، وهنا بيت القصيد.
“ترقب” لجلسات الموازنة
من هنا، قد لا يكون “معيار” انخفاض سعر صرف الدولار وحده كافيًا لـ”التفاؤل”، فالهبوط برأي كثيرين يبقى “وهميًا”، إذ إنّ لا شيء يمنعه من الارتفاع مجدّدًا عند أول “استحقاق”، تمامًا كما ارتفع فجأة ودون سابق إنذار، فضلاً عن كون انعكاساته بقيت “محدودة”، بعدما ثبتت الأسعار عند حدود باتت “لا تُحتمَل” برأي كثيرين، وهو ما يدفع إلى “ترقّب” التطورات السياسية، لعلّها تستطيع تغيير المعادلة.
صحيح أنّ المطلوب من الحكومة كثير، وقد يكون في حيّز كبير منه يفوق طاقتها وقدرتها، في ضوء الواقع الصعب الذي بلغه الاقتصاد، واستحالة النهوض به، ليس فقط في فترة “وجيزة”، ولكن أيضًا في موسم “انتخابي” تختلف معه “أولويات” الكثير من اللاعبين، لكن لا بدّ من “الاستفادة” من هذا الوقت، لتحقيق بعض “الآمال”، فإنجاز المفاوضات مع صندوق النقد على قواعد متينة وصلبة، على سبيل المثال، قد يكون “أول الغيث”.
يرى البعض أنّ الحكومة تحمَّل أكثر من طاقتها، وأنّ لا قدرة لها على تحقيق “المعجزات”، حتى لو عقدت اجتماعات ماراثونية، وصلت معها الليل بالنهار. ويرى آخرون أنّ ثنائي “حزب الله” و”حركة أمل” عندما وافق على العودة إليها، أراد فقط رمي “كرة المسؤولية” عن كاهله، ليثبت أنّ الحكومة لا تملك “عصا سحرية” لحلّ الأزمة. لكن، بين هذا وذاك، يبقى تمسّك اللبناني بأيّ “فسحة أمل” لبعضٍ من “الفرج”، أكثر من معبّر!