اعتبر رئيس “التيار الوطني الحر” في لبنان، النائب جبران باسيل، أن “اتفاق “مار مخايل” بين تياره وجماعة “حزب الله” فشل في “بناء الدّولة”، داعيا إلى وضع سلاح الجماعة “ضمن سياسة الدولة” من دون أن يكون الهدف هو نزعه.
باسيل أضاف، في مقابلة مع الأناضول، أن تفاهم التيار (أسسه رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون) مع “حزب الله” بحاجة إلى “تطوير من ناحية الإصلاح وبناء الدولة”، معتبرا أن عودة الجماعة إلى اجتماعات الحكومة “جزء من التجاوب مع التطوير، لكنه غير كافٍ”.
ورأى أن “الخلاف واضح وكبير مع حزب الله بما يخص الأمور الداخلية، وإن حُلّت فعلى أساسها يتحدد موضوع التحالفات الانتخابية”، مشددا على أنه ليس لديه حاليا “أي مخطط أو هدف” بشأن انتخابات الرئاسة.
وأكد باسيل، صهر عون، على عروبة لبنان، وأنهم يريدون “أفضل العلاقات” مع دول الخليج، مشددا في الوقت نفسه على ضرورة عدم منعهم من أن تكون لهم علاقات مع دول أخرى، مثل تركيا وإيران، واصفا العلاقات مع أنقرة بـ”الجيدة”.
** الانتخابات النيابية والرئاسية
من المقرر أن يشهد لبنان في 27 مارس/ آذار المقبل انتخابات نيابية جرى تبكير موعدها بدلا عن 8 مايو/ أيار المقبل.
وقال باسيل إن “التيار الوطني الحر سيخوض الانتخابات النيابية في كل المناطق اللّبنانيّة، مشروعه لا يزال نفسه، وهو مشروع الدولة، التي لا يمكن أن تقوم بظل وجود الفساد”.
وعن تحالف تياره في الانتخابات مع “حزب الله”، أجاب بأن “الخلاف واضح وكبير مع حزب الله بما يخص الأمور الداخلية”، و “إن حُلّت هذه الأمور، فعلى أساسها يتحدد موضوع التحالفات الانتخابية”.
ورأى أن “الوطني الحر يشكل حالة شعبية في لبنان، وبناء عليها هو يستطيع خوض الانتخابات لوحده”.
وعما إذا كانت حظوظ رئيس “تيار المردة”، سليمان فرنجية، مرتفعة ليكون رئيس الجمهورية المقبل، رد باسيل بأن “موضوع الرئاسة يشمل اعتبارات عدة، منها التمثيل الشّعبي بعد الانتخابات المقبلة، وموضوع الخيارات السياسية، كمعرفة الجهات التي ستدعمه، وتمكّنه من تشكيل أكثرية بالبرلمان، بالإضافة إلى برنامجه الانتخابي”.
واعتبر باسيل (ماروني مسيحي) أن “انتخابات الرئاسة ليست مبلوَرة ومن المبكر الحديث عنها، وليس لديَّ في الوقت الحالي أيّ مخطّط أو هدف للرّئاسة”.
ويتم انتخاب رئيس لبنان (ماروني مسيحي) من جانب أعضاء مجلس النواب (البرلمان).
** تفاهم “التيار” و”حزب الله”
في 13 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، تأجل انعقاد جلسة للحكومة إلى أجل غير مسمى؛ إثر إصرار الوزراء المحسوبين على “حزب الله” وحركة “أمل” (مقربتان من إيران) على أن يبحث المجلس ملف تحقيقات انفجار مرفأ العاصمة بيروت، تمهيدا لتنحية المحقق العدلي طارق البيطار، بعد اتهامه بـ”تسييس” القضية.
ولم يُجب باسيل بالنفي ولا التأكيد عما إذا كان على علم مسبق بقرار عودة “حزب الله” وحركة “أمل” إلى المشاركة في جلسات مجلس الوزراء، بعد تعطيلها لأكثر من ثلاثة أشهر.
ورأى أن “عودة الثنائي إلى الحكومة كانت أمرا حتميا، لأن المقاطعة لم تكن مبرَّرة ولا مقنعة. لكن العودة غير كافية، ويجب استكمالها بمجموعة خطوات تؤدي إلى الاستقرار بالبلاد ومعالجة مشاكل الشعب”.
ومنذ عامين، يعاني اللّبنانيّون أزمة اقتصادية غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية الليرة مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية وسلع أساسية أخرى، وانهيار قدرتهم الشرائية.
وعن سر صمود “تفاهم مار مخايل” بين “التيار الوطني الحر” و”حزب الله”، أجاب باسيل بأن “الحاجة الوطنية له هي السر، فالتفاهم المذكور يحافظ على الوحدة بشكل أو بآخر، علما أن هناك خلافات داخلية كافية لتنسفه، لأن أهم نقطة فيه هي بناء الدولة”.
وتابع: “الاتفاق ساعدنا على مواجهة إسرائيل ومنع تنظيم “داعش” من احتلال لبنان، ومنع الاقتتال الداخلي، وهذا أمر أساسي، لكن لا يكفي لبناء دولة؛ فالاتفاق فشل ببناء الدّولة”.
وفي 6 فبراير/شباط 2006، وقَّع الأمين العام لـ”حزب الله”، حسن نصر الله، ورئيس “التيار الوطني الحر” (آنذاك)، رئيس الجمهورية الحالي ميشال عون، تفاهما في كنيسة مار مخايل ببيروت، للعمل معا على معالجة قضايا مهمة، أبرزها “بناء الدولة”.
وتتألّف وثيقة التفاهم من 10 بنود، أبرزها “قانون الانتخاب”، و”العلاقات اللّبنانيّة السّوريّة”، و”حماية لبنان”، وبند آخر بعنوان “بناء الدولة” ينص على اعتماد معايير العدالة والتّكافؤ والجدارة والنزاهة، وقضاء عادل ومستقل، ومعالجة الفساد من جذوره.
ودعا باسيل إلى “تطوير تفاهم مار مخايل من ناحية الإصلاح وبناء الدولة”.
وعن ملاقاة “حزب الله” له بالتطوير، أجاب بأن “العودة للحكومة جزء من التجاوب مع التطوير، لكن ذلك غير كافٍ، فالإنتاج والإصلاح هما اللّازمان”.
وتعقيبا على حديث سابق لباسيل عن أن التفاهم مع “حزب الله” بحاجة إلى “إعادة نظر”، قال نصر الله، في 3 يناير/ كانون الثاني الجاري: “نحن متمسكون بالتفاهم مع التيار الوطني الحر، وحاضرون لتطويره بما يحقق المصلحة الوطنية”.
وعن سلاح الجماعة، قال باسيل إنه “من الضروري أن يدخل ضمن إطار تنفيذي معين، ليكون ضمن سياسة الدولة، وهذا أمر ممكن إذا خرج البعض من فكرة المؤامرة”.
وشدد على أن “الهدف لا يجب أن يكون نزع سلاح حزب الله، إنما كيفية استعماله لمصلحة الوطن”.
وبينما تتهم عواصم إقليمية وغربية وقوى سياسية لبنانية “حزب الله” بتهديد الساحة الداخلية بسلاحه، تقول الجماعة إن هذا السلاح يهدف حصرا إلى مقاومة إسرائيل التي تحتل مناطق في جنوبي لبنان.
**العلاقة مع “القوات اللبنانية”
بخصوص العلاقة مع حزب “القوات اللبنانية”، برئاسة سمير جعجع، قال باسيل إن “القوات ترفض الحوار مع “الوطني الحرّ”، لأنّها تعتبر أنها تمتلك فرصة لتحقيق الحلم التاريخي بكسر التيار أو إنهائه، وهذا رهان واهم ولن يؤدي إلى نتيجة”.
وأردف: “الحوار غير قائم مع القوات في الوقت الحالي”، مشددا في الوقت نفسه على “أهمية الحوار والتواصل مع القوات لمصلحة الوطن والشّعب”.
** تحقيق المرفأ
كشف باسيل أنه “التقى نصر الله منذ فترة غير قريبة”، ونفى أن يكونا قد تناولا موضوع قاضي التحقيق في انفجار مرفأ بيروت، طارق البيطار.
ورأى أن هناك “حالة مراوحة (جمود) في الملف”، مؤكدا “أهمية أن يُستكمل التحقيق العدلي للوصول إلى القرار الظني (الاتهام)، ولا يجب البقاء بحالة مراوحة”.
واعتبر أن “التحقيق فيه استنسابيّة (استثنائية)، لكته غير مسيَّس، لكن اليوم هناك مراوحة قاتلة، ونريد أن يتحمل القضاء مسؤوليّته”.
وهذا الانفجار دمر المرفأ في 4 أغسطس/ آب 2020، وأدى إلى مصرع 219 شخصا وإصابة نحو 7 آلاف آخرين، فضلا عن تضرر مساحات واسعة من بيروت؛ جراء انفجار مواد كانت مُصادرة ومُخزنة فيه منذ سنوات.
** العلاقات الخارجية
بالرغم من استقالة جورج قرداحي، وزير الإعلام اللبناني في 3 ديسمبر/ كانون الأول الماضي، إلا أن أزمة دبلوماسية لا تزال قائمة بين لبنان من جهة والسعودية ودول خليجية أخرى من جهة أخرى، ما يثقل كاهل بيروت.
وسحبت السعودية سفيرها لدى بيروت، وطلبت من السفير اللبناني بالرياض المغادرة، وهو ما فعلته لاحقا الإمارات والبحرين والكويت واليمن، رفضا لتصريحات بشأن الحرب في اليمن أدلى بها قرداحي قبل توليه الوزارة.
وعن علاقته بالدول الخليجية، قال باسيل إنه “لا يجوز تصويرنا أننا بموضع عدائي معها، فنحن نريد أفضل العلاقات معها”.
وتابع: “لأن لبنان بلد عربي، ولا يجب أن يكون على خصومة معها (دول الخليج)، ولها الأولوية. لكن في الوقت نفسه، لا يجب أن نُمنع من أن تكون لدينا علاقات مع دول أخرى، مثل تركيا وإيران وغيرهما”.
وختم بقوله: “لدينا علاقات جيدة مع تركيا، ومن الممكن أن نتعاون معها لتوفير الطّاقة المتجدّدة للبنان أو غيرها من المسائل”.