بمرور 13 عاما على استشهاد بناته الثلاث بنيران دبابة إسرائيلية استهدفت منزلهم في مخيم جباليا شمالي قطاع غزة عام 2009، ما زال الطبيب الفلسطيني عز الدين أبو العيش، يأمل بتحمل إسرائيل مسؤوليتها عن استشهادهن.
ويطالب أبو العيش، إسرائيل باعتذار رسمي وتحمل المسؤولية وتعويض مالي يعتزم تسخيره لتمويل كلية “من أجل الحياة الدولية لنساء الشرق الأوسط”، تكريما لبناته الشهيدات.
ونظرت المحكمة العليا الإسرائيلية، الإثنين، في ملف استشهاد الشقيقات الثلاث لكنها لم تصدر قرارها بعد.
فقد ناقشت المحكمة الدعوى المدنية التي تقدم بها أبو العيش ضد إسرائيل عقب “المذبحة” التي قضت على عائلته وقتل بناته بيسان (21 عامًا) وميار (15 عامًا) وآية (13 عامًا)، وإصابة آخرين من العائلة برصاص الجيش الإسرائيلي.
وأدى الهجوم العسكري الإسرائيلي آنذاك الذي أطلقت عليه إسرائيل اسم “الرصاص المصبوب” إلى استشهاد حوالي 1400 فلسطيني وإصابة آلاف.
ويقطن أبو العيش، بعد أكثر من عقد من الزمان على ما أسماها المذبحة، مع من تبقى من العائلة على قيد الحياة في كندا.
ووصل إلى المحكمة الإسرائيلية، الإثنين، أعلى هيئة قضائية في إسرائيل، لحضور جلستها.
وقال الطبيب للصحفيين، وهو يحمل صورة لمنزله المدمر: “هذه هي الغرفة (الخاصة ببناته) بعد المأساة، بعد ما حدث، شخصيا لا أريد لأحد أن يمر بما مررت به”.
وأشار أبو العيش وهو يعرض صورة لغرفة بناته: “هذه غرفة أطفالي، خلال الحرب كانت طفلتي تدرس على الشموع لأنه لم تكن هناك كهرباء، وهذا هو الرد على التبريرات الكاذبة”.
وأضاف: “حتى أثناء الحرب، هذا هو الإنسان الفلسطيني، ففي أثناء العدوان كان هدفهم التعليم، كانوا يتعلمون باستخدام الشموع لأنه لم تكن هناك كهرباء”.
وتابع أبو العيش: “كان عندهن هدف، هدفهن النجاح وأن يتعلمن وأن يصبحن أصحاب رسالة إنسانية، هؤلاء هم الأطفال الذين علمتهم وربيتهم”.
ومضى قائلا: “أطفالي ضحايا، ولكنني سأبقيهم أحياء ولن أقبل أن يقتلهم أحد مرة أخرى، حان الوقت لأن ينصفهم القضاة”.
وعرض الطبيب أبو العيش صورا لبناته الشهيدات وقد أوشك على البكاء، وقال: “هذه بيسان في 12 ديسمبر/كانون الأول على بحر غزة حيث كتبت اسمها على الرمل”.
وحضر جلسة المحكمة عدد من نشطاء السلام ونواب عرب بينهم أيمن عودة وأحمد الطيبي وأسامة السعدي.
وكتب الطيبي في تغريدة على تويتر: “كلمة مفجعة للدكتور عز علاء الدين أبو العيش، صرخة مفجعة أمام قضاة المحكمة العليا الثلاثة: بناتي تحت الشموع وقتلوا على يد الجيش.. إنني أخاطبكم كبشر وليس فقط كقضاة، احقنوا دماء بناتي الثلاث في عروق الأمل في حياة أخرى من السلام، لا تقتلوا بناتي مرة أخرى”.
أما النائب عودة فكتب: “الدكتور عز الدين أبو العيش، الطبيب من غزة الذي فقد 3 بنات عام 2009، قصفت دبابة إسرائيلية منزله”.
وأضاف: “أبو العيش لا يسعى للانتقام ولكنه يطالب دولة إسرائيل بالاعتراف بمسؤوليتها عن القتل، لا يوجد شيء أكثر إنسانية وأكثر إيلاما من أب ثكل يسعى لتحقيق العدالة لبناته”.
وكانت المحكمة المركزية الإسرائيلية في مدينة بئر السبع (جنوب) نظرت في مارس/آذار 2017 بالقضية ولكنها رفضتها، وإثر ذلك قرر أبو العيش الالتماس إلى المحكمة العليا التي أرجأت جلساتها بسبب فيروس كورونا.
وكان الطبيب أبو العيش في تصريح مكتوب حصلت الأناضول على نسخة منه: “منذ هذه المأساة، أحاول بكل الوسائل المتحضرة والسلمية والقانونية والأخلاقية تحقيق العدالة لبناتي”.
وأضاف: “للأسف، وبشكل مؤلم، كان الرد طوال الوقت بالإنكار والتهرب والأعذار الزائفة. وقد ضاعف هذا الألم والمعاناة التي تحملتها أنا وعائلتي ويقتل بناتي مرارًا وتكرارًا”.
وتابع أبو العيش: ” آمل أن يفعل كبار فقهاء القانون الإسرائيليين ما هو أخلاقي وما هو صحيح وما هو قانوني أيضًا. فحيث لا توجد مسؤولية لا توجد مساءلة”.