من يتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يجد أنها مليئة بالمواعظ والعبر بل وبالأخلاق السامية التي لا يستغني عنها مسلم في زمان ومكان .. ومن هذا ما حدث في سرية روضة خاخ والتي سجلتها السير ة النبوية وجاءت في صحيح البخاري في باب غزوة الفتح وما بعث حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بغزو النبي.
سرية روضة خاخ:
أراد النبي ان يفتح مكة فتحا لا غزوا ولهذا لم يرد إعلان موعد القدوم حتى لا يتهيأ هل مكة للقتال فتصير حربا غير أن هناك من حاول تسريب هذا الخبر والذي هو بمثابة سر عسكري حتى يكون له يد عن قريش حال الفتح ..
وهذا الخطأ وقع فيه أحد الصحابة الكرم وهو سيدنا حاطب بن أبي بلتعة وقد جاء في السير يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد بن الأسود قال انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة ومعها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى انتهينا إلى الروضة فإذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجي الكتاب فقالت ما معي من كتاب فقلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب فأخرجته من عقاصها فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى أناس من المشركين من أهل مكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا قال يا رسول الله لا تعجل علي إني كنت امرأ ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من معك من المهاجرين لهم قرابات بمكة يحمون بها أهليهم وأموالهم فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون بها قرابتي وما فعلت كفرا ولا ارتدادا ولا رضا بالكفر بعد الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد صدقكم قال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق قال إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.
أخلاق النبوة:
وهذا الحديث برغم طوله احتوى على عدد من العبر منها حلمه صلى الله عليه وسلم على صحابته وعدم معاجلتهم بالعقوبة، فهذا عمر رضي الله عنه في حق حاطب فقال عمر يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي إنه قد شهد بدرا وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم فأنزل الله الآية الأولى من سورة الممتحنة: “يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق إلى قوله فقد ضل سواء السبيل”
كما أن فيه ترسيخ لمبدأ التثبت قبل إصدار الأحكام.. وفيا أيضا قبول العذر حال تقديمه.. ولا يخفى ما في هذا الحديث من فضل أهل بدر حيث قال النبي عنهم: وما يدريك لعل الله أن يكون قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم،