اختار النبي صلى الله عليه وسلم عددا من الصحابة لتوليهم القضاء، لما رأى فيهم من مخايله وصلاحهم لتقلده، وقد كانوا ذلك بعد وفاته صلى الله عليه وسلم.
يقول التابعي مسروق: كان أصحاب القضاء من أصحاب رسول الله- صلى الله عليه وسلم- عمر وعلي وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري.
وهؤلاء هم المشهورون، لكن النبي صلى الله عليه وسلم اعتمد آخرين في القضاء منهم:
عقبة بن عامر:
وروى الإمام أحمد عن الصحابي عقبة بن عامر- رضي الله تعالى عنه- قال: جاء خصمان إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يختصمان.
فقال: قم يا عقبة، اقض بينهما، فقلت: بأبي وأمي أنت، يا رسول الله، أنت أولى بذلك مني.
قال: وإن كان فاقض بينهما، قلت: فإذا قضيت بينهما فما لي، وفي لفظ: فقال: «أقضي بينهما على ماذا» ؟ قال: «اجتهد فإن أصبت فلك عشرة أجور» وفي لفظ: «عشر حسنات» ، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد» .
وروي عن عمر- رضي الله تعالى عنه- قال: جاء خصمان إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فقال لعمر: اقض بينهما، فقال: أنت أولى بذلك مني يا رسول الله قال: وإن كان.
قال: أقضي وأنت حاضر؟ قال: نعم، قال: فإذا قضيت بينهما فما لي؟
قال: إن أنت قضيت بينهما فأصبت القضاء فلك عشر حسنات وفي لفظ: «عشرة أجور، وإن أنت اجتهدت فأخطأت فلك أجر» .
معقل بن يسار:
وقال الصحابي مَعْقل بن يَسَار: أمرني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن أقضي بين قوم فقلت: ما أحسن أن أقضي يا رسول الله! قال: إن الله مع القاضي ما لم يحف عمدا.
وروى عنه أيضا: بعثني رسول الله- صلى الله عليه وسلم- على اليمن قاضيا، وأنا حديث السن.
قال: قلت يا رسول الله، أتبعثني وأنا الشاب أقضي ولا أدري ما القضاء.
وفي لفظ «تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث» ، فضرب بيده على صدري، وقال: اللهم اهد قلبه، وثبت لسانه وقال: إن الله تعالى سيهدي قلبك ويثبت لسانك، قال: فما شككت في قضاء بين اثنين.
حذيفة بن اليمان:
واختصم قوم إلى رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في خُصّ كان بينهم فبعث حذيفة- رضي الله تعالى عنه- يقضي بينهم، فقضى للذي يليهم القُمُط، ثم رجع إلى النبي- صلى الله عليه وسلم- فأخبره فقال: أصبت أو أحسنت.
والقٌمُط: الخشب الذي يكون على ظاهر الخص، أو باطنه ومعاقد القمط تلي صاحب الخص وهو البيت الذي يعمل من القصب.
واقعة غريبة:
وقال عثمان- رضي الله تعالى عنه- لابن عمر- رضي الله تعالى عنهما-: اقض بين الناس، قال: لا أقضي بين رجلين، لا أرى منهما، قال: فإن أباك كان يقضي.
قال: إن أبي كان يقضي فإن أشكل عليه شيء، سأل النبي- صلى الله عليه وسلم- فإن أشكل على النبي- صلى الله عليه وسلم- شيء سأل عنه جبريل، وأنا لا أجد من أسأله وإني لست مثل أبي.