صحابي جليل كان قريبًا جدًا من النبي صلى الله عليه وسلم، بل إنه كان يلازم النبي كظله في وقت من الأوقات وقع في هفوة صغيرة في مقتبل حياته ولكنه ظل يكفر عن هذه الهفوة لمدة طويلة سواء بالبكاء أو الندم المستمر، بل أنه هام على وجهه ورفض العودة للنبي حياء منه صلى الله عليه وسلم الذي كان قد أرسله لقضاء حاجة فاقترف هذا الخطأ .
القصة تبدأ عندما كان الصحابي ثعلبة بن عبدالرحمن الانصاري شابًا يافعًا يبلغ من العمر 15 عاما وكان خادمًا للنبي صلي الله عليه وسلم ، وكان يحب الجلوس دائمًا عند بيت النبي الكريم ، وكان الرسول صلّ الله عليه وسلم إذا أراد حاجة سريعة من الصحابة كان يرسل ثعلبة ، وفي يوم من الأيام أرسله رسول الله صلي الله عليه وسلم في حاجة من الحاجات .
وخلال محاولاته قضاء الحاجة للنبي مر على بيت من بيوت الأنصار وحينها رأى امرأة تغتسل فنظر إليها مرة أو أكثر ، ثم انتبه وقال أعوذ بالله يرسلني رسول الله في حاجاته وأنا أنظر إلى عورات المسلمين ، فندم ندما شديدا وبل حدثته نفسه أن القرآن سيفضح الخطأ الذي وقع فيه بشكل زاد من حزنه .
الصحابي الأنصاري خاطب نفسه قائلا : والله لينزلن الله في آيات أو ليجعلني الله تعالى من المنافقين ، وخشي أن يعود إلى بيته فيرسل النبي صلّ الله عليه وسلم في طلبه ، وخشي أن يعود إلى رسول الله ويخبره بما فعل .
ثعلبة وتكفيراعن هذه الهفوة هام على وجهه في المدينة ولم يدر أحد إلى أين ذهب ، وسأل رسول الله صلّ الله عليه وسلم عن ثعلبة ولكن لم يجده الصحابة في أي مكان بالمدينة ، فقد اختفي ثعلبة لمدة أربعين يومًا ، وظل مختبئًا بين جبال مكة والمدينة ، فنزل جبريل على رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال : يا محمد إن الله يقرؤك السلام ويقول أن هناك رجلًا من أمتك بين الجبال متعوذًا بي .
الرسول قام وبشكل فوري وكلف سادتنا عمر بن الخطاب وسلمان الفارسي أن يذهبا إلى تلك الجبال ويبحثا عن ثعلبة ، واستمر سيدنا عمر وسيدنا سلمان يبحثان عنه ويسألان الأعراب عن مكانه ، ولم يعرفه أحد إلا أعرابي قال لهما أتريدان الفتى البكاء ، فقال سيدنا عمر ما قصة هذا الفتى البكاء ، قال الأعرابي : هناك شابً منذ أربعين يومًا لا نسمع إلا صوت بكائه وعويله يأتي من أعلى الجبل ، فقال سيدنا عمر للأعرابي : كيف السبيل إليه ؟
الأعرابي ردا علي فاروق الأمة : إذا غربت الشمس أقبل علينا هذا الشاب فنحلب له مزقه لبن ويختلط هذا اللبن بدموعه ، فيشربه ثم يعود إلى الجبل ولا نراه إلا من غد ، فأختبئ سيدنا عمروسيدنا سلمان ولما غربت الشمس نزل ثعلبة وهو يبكي ، وحلب له الأعرابي اللبن وشربه ثم ذهب في طريقة عائدًا إلى الجبل ولكن أمسكه سيدنا عمر وسيدنا سلمان ، وتمنع عنهم ثعلبة وقال لهم ماذا تريدان ؟
الصحابيان عمر بن الخطاب وسلمان الفارسي قال لثعلبة إن رسول الله صلي الله عليه وسلم أرسل يطلبك ، فقال ثعلبة أأنزل الله في آيات أو ذكرني الله مع المنافقين ؟ فقالوا ما ندري يا ثعلبة ، فقال لهم دعوني أموت بين هذه الجبال ولا تفضحوني بفعلي ، فقالوا له ما نتركك يا ثعلبة وأخذوه إلى بيته ثم ذهبوا به إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم واخبروه بما حدث .
رسول الله ذهب إلى بيت ثعلبة فبادره الأخير بالبكاء ، فجلس رسول الله عنده وحمل رأسه ثم وضعها على فخذه الشريف ، فبكي ثعلبة وقال يا رسول الله : أنزل رأسًا قد امتلأ بالذنوب والمعاصي فقال رسول الله لا ، ثم قال : يا رسول الله أنزل رأسي فأنا أقل وأحقر ،
وهنا رد رسول الله صلّي الله عليه وسلم : لا يا ثعلبة ثم استطرد قائلًا له : ماذا ترجو يا ثعلبة فقال الأخير : أرجو رحمة ربى فقال رسول الله لثعلبة مما تخاف ؟فأجاب :أخاف من عذاب الله فقال النبي عليه السلام وماذا تأمل ؟ قال آمل في مغفرة الله تعالى فقال صلّ الله عليه وسلم : لأرجو الله أن يعطيك ما ترجو وأن يؤمنك مما تخاف .
ثعلبة قابل شفاعة النبي ورجاءه لربه بأن يغفر له بالقول :إني لأشعر بدبيب كدبيب النمل بين جلدي وعظمي فقال رسول الله أو تشعر بذلك ؟ فقال ثعلبة : نعم يا رسول الله فقال رسول الله إنه الموت قد نزل بك يا ثعلبة .
الرسول صلي الله عليه وسلم أمر ثعلبة بالتشهد فانتفض ثعلبة ونطق الشهادة ثم مات ، فغسله رسول الله وكفنه ثم صلى عليه رسول الله والصحابه رضوان الله عليهم ، وحملوه على نعشه وذهبوا به إلى قبره ، وكان رسول الله صلّ الله عليه وسلم يمشي على أطراف قدميه كما لو أنه في زحام شديد .
سير الرسول علي أطراف قدميه أثار استغراب عمر رضي الله عنه الذي سأل النبي عن سر هذه المشية قائلا : يا رسول الله لما تمشى على أطراف أصابعك والناس قد أوسعوا لك ؟
النبي صلي الله عليه وسلم نظر لعمر وقال له : ويحك يا عمر والله لا أجد لقدمي موضعًا من كثرة ما يزاحمني عليه الملائكة ، نعم مات ثعلبة ووقع في معصية يتخيلها بعضنا صغيرة ، لكنه عظم رب الأرض والسماء وخاف أن ينزل به البلاء ، فأقبل على الله تائبًا منيبًا يرجو رحمة الله ، حتى توفاه سبحانه وتعالى ورضى عنه رسول الله صلّ الله عليه وسلم .
نهاية مبكية
أسلم فتى من الأنصار يقال له: ثعلبة بن عبد الرحمن، وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم ويخف له، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه في حاجة له فمر بباب رجل من الأنصار، فرأى امرأة من الأنصار تغتسل وخاف أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما صنع فخرج هاربًا على وجهه، فأتى جبالاً بين مكة والمدينة فدخلها.
ففقده النبي صلى الله عليه وسلم أربعين يومًا وإن جبريل – عليه السلام – نزل على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد، إن ربك يقرأ عليك السلام ويقول لك: إن رجلاً من أمتك بين هذه الجبال يتعوذ بي فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: “يا عمر ويا سلمان، انطلقا فأتياني بثعلبة بن عبد الرحمن”.
فخرجا من أنقاب المدينة فلقيا راعيا من رعاة المدينة، فقال له عمر: هل لك علم بشاب بين هذه الجبال يقال له: ثعلبة؟ قال: لعلك تريد الهارب من جهنم فقال له: وما علمك بأنه هارب من جهنم؟ قال: لأنه إذا كان جوف الليل خرج علينا من بين هذه الجبال واضعا يده على أم رأسه وهو ينادي: يا ليتك قبضت روحي في الأرواح وجسدي في الأجساد ولم تجردني لفصل القضاء.
فقال عمر: إياه نريد فانطلق بهما، فلما كان في جوف الليل خرج عليهم من بين تلك الجبال واضعا يده على أم رأسه وهو ينادي: يا ليتك قبضت روحي في الأرواح وجسدي في الأجساد ولم تجردني لفصل القضاء.
قال: فغدا عليه عمر فاحتضنه فقال: يا عمر، هل علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذنبي؟ قال: لا علم لي إلا أنه ذكرك بالأمس فأرسلني وسلمان في طلبك.
قال: يا عمر، لا تدخلني عليه إلا وهو في الصلاة فابتدر عمر وسلمان الصف فلما سمع ثعلبة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم خر مغشيا عليه.
فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يا عمر، يا سلمان، ما فعل ثعلبة؟ ” قالا: ها هوذا يا رسول الله فقام النبي صلى الله عليه وسلم فحركه فانتبه.
فقال له: رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما غيّبك عني؟ ” قال: ذنبي يا رسول الله! قال: “أفلا أدلك على آية تمحو الذنوب والخطايا؟ ” قال: بلى يا رسول الله قال: “قل: “ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار”.
قال: ذنبي يا رسول الله أعظم قال: “بل كلام الله أعظم”، ثم أمره بالانصراف إلى منزله.
فمرض ثمانية أيام ثم إن سلمان أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، هل لك في ثعلبة فإنه لما به قد هلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “قوموا بنا إليه”.
فدخل عليه فأخذ رأسه فوضعه عن حجره فأزال رأسه عن حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: “لم أزلت رأسك عن حجري؟ ” قال: لأنه ملآن من الذنوب قال: “ما تشتكي؟ ” قال: مثل دبيب النمل بين عظمي ولحمي وجلدي.
قال: “ما تشتهي؟ ” قال: مغفرة ربي قال: فنزل جبريل – عليه السلام – فقال: يا محمد إن ربك يقرئك السلام ويقول لك: لو أن عبدي هذا لقيني بقراب الأرض خطيئة لقيته بقرابها مغفرة قال: فأعلمه النبي صلى الله عليه وسلم قال: فصاح صيحة فمات.