قال الشيخ صبحي الطفيلي، مؤسس جماعة “حزب الله” اللبنانية وأول أمين عام لها (1989: 1991)، إن إيران، حليفة الجماعة، هي الأكثر نفوذا في لبنان، لكنها ترى مصلحتها في ضعفه وتفككه ودمار اقتصاده ونشر الفقر والجوع والفوضى فيه.
وأضاف الطفيلي، في مقابلة مع الأناضول، أن “هذه هي سياسة إيران في العراق وسوريا، وهي تعتبر أن تلك السياسة تمكنها من غرز أقدامها في الأرض والتحكم بالبلد واستخدامه لأهدافها السياسية”.
وتمنى أن تعيد إيران النظر في مصلحتها ومصلحة الشعوب من حولها، “وتدرك أن ما تفعله يضرها أولا ويخدم مشروع الغرب والصهاينة”.
وتابع أن “إيران اليوم هي الأكثر نفوذا وتأثيرا في لبنان، لكنها للأسف لا ترى مصلحتها في قيام الدولة ونهوض الاقتصاد والعمران، وإنما في ضعف الدولة وتفككها ودمار اقتصادها ونشر الفقر والجوع والفوضى فيها”.
وأردف: “لست مبالغا حين أقول إن لبنان ليس دولة، وإنما هو مجرد مستنقع مياه آسنة فيه كل الخبائث، وشعبه مستغرق بالتناحر والانتحار” .
واستطرد: آمل أن “يستفيق اللبنانيون من غيبوبتهم، ويدركوا أن المستقبل بالتعاون، وليس بالتناحر”.
ويعاني لبنان أسوأ أزمة اقتصادية منذ نهاية الحرب الأهلية (1975 – 1990)، واستقطابا سياسيا حادا، في مشهد تتصارع فيه مصالح دول إقليمية وغربية.
** لبنان بين واشنطن وطهران
وفق وسائل إعلام أمريكية، تبحث إدارة الرئيس، جو بايدن، عن أفكار لإحياء الاتفاق النووي متعدد الأطراف مع إيران لعام 2015، والذي انسحبت منه واشنطن في 2018.
وعن المفاوضات الأمريكية الإيرانية المحتملة وتأثيرها على لبنان، قال الطفيلي: “لا شك أن إيران تحاول أن تطرح كل أوراقها على طاولة المفاوضات مع أمريكا بشأن النووي ولبنان ورقة مهمة في هذا الموقع”.
ورأى أن “المفاوضات الأمريكية مع إيران ستنعكس على لبنان، لكن السؤال: هل ستُضعف قبضة الحزب (حزب الله) على لبنان، أم ستدعمها”.
وأشار إلى أن “التفاهم السابق بين واشنطن وطهران سمح للأخيرة بدعم قبضها، ووجود إيران المريح في لبنان ومناطق أخرى كالعراق كان ببركة ذاك التفاهم”.
وشدد على أن “كل الدلائل حتى اللحظة تفيد بأن الأمريكي بحاجة لتمزيق شعوبنا وهدم بلادنا، والتمدد الإيراني الفوضوي من أبرز المشاريع الأمريكية.. لزرع الموت والفوضى والخراب وتحقيق أهداف أمريكا”.
واعتبر أنه “لا بديل عن “حزب الله” حتى اليوم لحماية حدود الكيان الصهيوني (إسرائيل) في جنوب لبنان”، “ولا يمكن للصهاينة والأمريكيين التفريط بخدمات الحزب الأمنية”.
** “حزب الله” واغتيال لقمان
في 4 فبراير/ شباط الماضي، عُثر على الناشط الشيعي المعارض لـ”حزب الله”، لقمان سليم، مقتولا داخل سيارته بمنطقة العدوسية جنوبي لبنان، وأعلن القضاء فتح تحقيق.
واتهمت رشا سليم، شقيقة لقمان، في مقابلة مع الأناضول، “حزب الله” باغتياله؛ لأنه “كان يخيفهم بأفكاره المؤثرة في العالم”، وفق قولها.
وقال الطفيلي إن “حزب الله” يمارس التهديد بالقتل لمعارضيه من أعلى الهرم إلى أسفله ودون مواربة”.
واعتبر أن “طريقة تفاعل “حزب الله” مع بعض الاغتيالات تدفع نحو الظن به وكأنه يقول: “لا تذهبوا بعيدا نحن فعلناها”.
وأضاف: “وبات إصبع السبابة المرفوعة بصمة خاصة عند أمينه العام (حسن نصر الله) للتهديد بالقتل، وتغريدة الربح واللطف غير المحسوب الشامتة صبيحة يوم مقتل لقمان سليم لا تحتاج لتوضيح”.
وعادة ما يرفع حسن نصر الله، في خطاباته، إصبعا للتهديد أو للتحذير من موقف ما.
وبعد مقتل لقمان، أثارت تغريدة لجواد، نجل نصر الله، سخط اللبنانيين، قبل أن يُضطر لحذفها لاحقا.
وكتب جواد، عبر حسابه بـ”تويتر”: “خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب”. وأرفق تغريدته بهاشتاغ (وسم): “بلا أسف”.
وشدد الطفيلي على أن “القتل والترويع نهج مرتبط بقادة الفساد، ولا يملكون وسيلة أخرى لكم الأفواه وإرعاب الناس”.
وتابع: “هذه الممارسات يقوم به النظام الإيراني في لبنان والعراق وحتى في إيران، وما يفعله كل طاغية في العالم، مثل حكام مصر والحجاز وفلسطين والصين وبعض الدول الأوروبية، خاصة فيما يتعلق بالمسلمين”.
** تأخر تشكيل الحكومة
جراء خلافات سياسية، لم يتمكن لبنان حتى الآن من تشكيل حكومة لتحل محل حكومة تصريف الأعمال الراهنة، التي استقالت في 10 أغسطس/ آب الماضي، بعد 6 أيام من انفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت.
ورأى الطفيلي أن “التيار العوني (نسبة لرئيس الجمهورية ميشال عون)، الذي يحتضر في بيئته المسيحية ويدرك أن وجوده بعد الانتخابات القادمة سيكون هامشيا وغير فاعل، يحاول أن يستفيد من قوته وحضوره الحالي لعل ذلك يخدمه في المستقبل، لهذا يتشبث بقوة بحصة وازنة في الوزارة (الحكومة) تسمح له بلعب دور أكبر”.
وتابع: “حزب الله يحاول أن يستفيد من أغلبيته النيابية في البرلمان المضمون حاليا لينتخب رئيسا جديدا للبنان، بعد سنتين، ويضمن لنفسه سيطرة مريحة لسنوات جديدة، لهذا يسعى لمناخ يسمح بالتمديد للمجلس النيابي الحالي حتى يوم انتخاب رئيس للجمهورية” (31 أكتوبر/ تشرين الأول 2022).
ورأى أن “زيارات رئيس الوزراء المكلف، سعد الحريري، لدول عدة ليس لها أهمية كبرى، لأنها (تلك الدول) لا تملك في الوقت الحالي أوراقا قوية يمكن استخدامها لعرقلة خطط إيران وأذرعها في لبنان”.
** تدويل الأزمة اللبنانية
مع استمرار الأزمة اللبنانية الخانقة، دعا البطريرك الماروني، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، خلال قداس مؤخرا، إلى “طرح قضية لبنان في مؤتمر دولي خاص برعاية الأمم المتحدة، يثبت لبنان في أطره الدستورية الحديثة التي ترتكز على وحدة الكيان (…) وتضع حدا لتعددية السلاح”.
لكن الطفيلي اعتبر أن “تدويل الأزمة اللبنانية مسألة معقدة، وأمامها عقبات كثيرة ومخاطر مرعبة، وأظن أن البطريرك لا يريد أكثر من الضغط على عون وجماعته لعله يعيد النظر بموقفه الخطر ويتنازل ويشكل الحكومة”.
وحذر من أن المستقبل في لبنان مفتوح على أصعب الاحتمالات من ثورة جياع إلى حرب أهلية إلى تفكك دويلة “المسخ”.
ورأى أن “التفكك قد يكون هدف أمريكي صهيوني كنموذج للفوضى الخلاقة الأمريكية في مشرقنا، ولخلق دولة شريط حدودي شيعية في جنوب لبنان لحماية الصهاينة”.