قال رئيس الائتلاف السوري المعارض، نصر الحريري، إن هناك إصرارا من النظام وحلفائه مدفوعين بأطراف أخرى لبدء عملية عسكرية في منطقة إدلب شمال غربي البلاد.
وفي حوار أجرته الأناضول معه بإسطنبول، لم يستبعد الحريري توسع العملية العسكرية في الأيام المقبلة ضد “قسد” التي تهمين عليها منظمة “ي ب ك/ بي كا كا” الإرهابية حال لم تنسحب من مناطق محررة.
وأكد أهمية إيجاد عدالة انتقالية لتعويض المتضررين من أبناء الشعب السوري، وليست تصالحية ولا ترميمية، معربا عن خشيته من أن تكون هناك عملية تعطيل مقصودة للجنة الدستورية.
وأعرب عن أمله في حل الأزمة الخليجية، وعودة العلاقات لطبيعتها بين تركيا والسعودية ومصر.
وحذر من أي مفاوضات أمريكية أو اتفاق جديد مع إيران أو دعم لقسد لن يساهم في العملية السياسية أو التوصل لحلول بالمنطقة.
** مخاوف معركة إدلب
وأوضح الحريري أنه “رغم كل الجهود والاستعدادات هناك تحديات جمة، منها الانتخابات الرئاسية الهزلية غير الشرعية التي يقوم بها النظام، وينبغي على الدول الداعمة للحل السياسي عدم الاعتراف بها سياسيا وقانونيا لنهز شرعية النظام”.
وأشار إلى “فشل الجهود الرامية لحل مشكلة (تنظيم) بي كا كا الإرهابي وإخراجه خارج سوريا، في ظل إصراره على موقفه، وعدم وجود موقف دولي جاد كموقف الائتلاف وتركيا”.
وأضاف الحريري: “التحدي الآخر هو إصرار النظام وحلفائه مدفوعين بأطراف أخرى لبدء عملية عسكرية في إدلب متذرعين بمحاربة الإرهاب”.
وأردف: “لدينا شك كبير في أن النظام وإن طال الوقت سيفكر بهذه العملية، ومن أولى الأوليات أن نحمي المنطقة ومنع سقوطها بيد النظام، ونحن مؤمنون بأنه أهم تحديات العام 2021 في ظل غياب الحل السياسي”.
وأشار إلى أن كل ذلك يأتي “مع استمرار حالة المعاناة في ظل مساعدات إنسانية تدخل للنظام ويجيرها لمصالحه والفئات الأقرب له ويعاني الناس من نقص المقومات الأساسية للحياة”.
** تطورات شرق الفرات
وردا على سؤال حول التطورات بمنطقة شرق الفرات، وعمليات الجيش الوطني بمحيط مدينة عين عيسى، قال الحريري: “(قوات) قسد لم تتخل عن ارتباطها مع بي كا كا الإرهابية ولم تتخل عن ممارستها تجاه الشعب السوري، ولم تقبل بأن تغير رؤيتها للوضع في سوريا وعن الكينونات الفيدرالية”.
وشدد أن هذه القوات “لم تطبق الاتفاقات الموقعة بين تركيا وأمريكا، وتركيا وروسيا (2019)، وبالتالي لم يتم الانسحاب بالشكل المطلوب من هذه المناطق، ما دفع تركيا والجيش الوطني للتحذير مطالبين بتطبيق الاتفاقيات”.
وتابع شارحا: “العمليات العسكرية بدأت مدفوعة باستفزازات من قبل قسد، عبر القصف وخلاياها النائمة، تستهدف الأمن في المناطق المحررة وهو ما استدعى التحرك في الفترة الماضية، وتم تحرير قرى بمحيط عين عيسى”.
وحذر من أنه “إن لم تنسحب قسد من هذه المناطق، فإن الوضع مفتوح على كل الخيارات، والعملية العسكرية ستتوسع في الأيام المقبلة”.
** دعم الدوحة
وعن زيارة الائتلاف الأخيرة لقطر، قال الحريري: “الزيارة جاءت لعقد لقاءات مع الجانب القطري، ولمراسم عزاء السفير السابق الراحل نزار الحراكي، وكان هناك لقاء مع وزير الخارجية (محمد بن عبد الرحمن آل ثاني)”.
وأضاف: “قطر كانت ولا تزال من أول الدول التي دعمت مطالب الشعب السوري في مختلف المجالات وكانت هناك نقاشات عن الوضع الراهن ومآلات العملية السياسية، والوضع الإنساني، وطرق دعم قوى الثورة، والحفاظ على وحدة المعارضة، والتفاعل مع المتطلبات الإنسانية”.
وأكد أنهم في المعارضة “حريصون على علاقتنا مع كل الدول العربية، وخاصة التي تدعم الشعب السوري ولدينا سفارة في قطر، وكنا ولا زلنا نتمنى ان تقوم بقية الدول الداعمة للشعب السوري بهذه الخطوة”.
** دعم حل الأزمة الخليجية
وردا على سؤال حول توقيت الزيارة وتزامنها مع الحديث عن المصالحة الخليجية، أجاب: “إيران والدول الأخرى من نفس المحور هي المستفيد الأول من الخلافات في الإقليم، وحل الخلاف نعتبره خطوة إيجابية”.
وأضاف: “نأمل ذلك وعودة العلاقات لطبيعتها بين السعودية وتركيا ومصر، نعتقد أنها خطوة مفيدة والمستفيد منها كثر، وأولهم الدول نفسها والشعب السوري ومن يخسر منها هو النظام والمحور الداعم له وخاصة إيران”.
ونفى الحريري ما تردد عن حدوث لقاء مع شخصيات سورية في قطر بواسطة من القيادي الفلسطيني خالد مشعل.
وشدد “قوى المعارضة ليست بحاجة للوساطة كي تلتقي، هي تلتقي بإرادة ذاتية، والتواصل مستمر، واللقاء مع مشعل هو لقاء صدفة في العزاء، وجاء لتقديم واجب العزاء دون لقاءات أخرى”.
** “تعطيل” روسي لـ”الدستورية”
وحول اجتماعات اللجنة الدستورية في جنيف مؤخرا، وأدائها، قال الحريري: “ما نقرأ في اللجنة الدستورية هو التعطيل منذ تأسيسها والمسؤول روسيا والنظام”.
وأوضح ذلك قائلا: “روسيا عندما رأت اللجنة الدستورية تبتعد عن المرامي التي ابتغتها، عملت على تمييعها، فهي لا تريد لجنة تعمل تحت رعاية الأمم المتحدة، والقرار 2254، ويتم فيها انتقال سياسي، بل تريد ما يشبه لجنة مصالحة كما جرى على الأرض بقوة السلاح”.
وأضاف: “نحن قلقون بأن نرى العملية تسير وراء ما يريده الروس باعتبارها فاعلة على الأرض، والمجتمع الدولي منشغل، فنرى الجهود الأممية تميل للرؤية الروسية”.
وعن الجدل الحاصل حول طرح الأمم المتحدة مصطلح العدالة التصالحية، أفاد الحريري: “هذا المصطلح مرفوض نريد عدالة انتقالية يتبعها عملية تعويض للمتضررين، بعد تشكيل الحكم والدستور، والعدالة الانتقالية يمكن أن تهيئ لمصالحة وطنية”.
واستطرد: “الخشية أن تكون هناك عملية تعطيل مقصودة لحرف العملية عن مسارها، ولصون العملية يجب الاهتمام ببقية محاور القرار 2254، والدعوة لجلسات تفاوضية موازية لمواجهة ملف الحكم الانتقالي”.
وفي ديسمبر/ كانون أول 2015، أصدر مجلس الأمن الدولي القرار 2254، الذي حدد بنود الحل السياسي في سوريا عبر تشكيل حكم انتقالي وإعداد دستور جديد وإجراء الانتخابات، فيما تشكلت اللجنة الدستورية العام الماضي.
** لا حل في وجود نظام بشار
وعن أسس الحل السياسي في ظل هذا الجدل، قال الحريري: “الحجر الأساس في عملية بناء العملية السياسية في سوريا تبدأ عبر الحكم الانتقالي، حتى لو تم التوصل لمسودة دستور، وبدون الحكم الانتقالي لا يمكن عودة ملايين اللاجئين، ولا يمكن مكافحة الإرهاب بظل وجود النظام الحالي”.
وأضاف: “تصريح المبعوث الأممي غير بيدرسون، باستخدام العدالة الترميمية غير موجودة في مفردات الحل السياسي، والعدالة الانتقالية وجبر الضرر يمكن التعبير عنه كما هو بتعويض المتضررين”.
وحول الجولة المقبلة لمشاورات اللجنة الدستورية، أفاد بأنها “ستكون في 25 يناير (كانون أول) المقبل ولكن غير مؤكد حتى الآن بسبب جائحة كورونا، وجدول الأعمال هو البدء بنقاش المضامين الدستورية وأولها هي المبادئ العامة والانتقال لباقي الفصول والأبواب”.
** تحذيرات لواشنطن
أما فيما يتعلق بتأثير الانتخابات الأمريكية على الملف السوري قال الحريري: “ما سمعناه من الإدارة الأمريكية أن نهج أمريكا وسياساتها في الشرق الأوسط وسوريا لم تتغير، وأولوياتها محاربة داعش وإخراج إيران من سوريا، ودعم عملية سياسية برعاية الأمم المتحدة”.
وحذر من أن “أي مفاوضات أو اتفاق جديد مع إيران لن يكون مفيدا ويؤدي لزيادة نفوذ إيران بسوريا ولن يساهم في العملية السياسية”.
وختم قائلا: “كان هناك علاقة جيدة بين الإدارة السابقة وقوات قسد، فأي دعم جديد لهذه القوات سيعيق فعلا التوصل لحلول في المنطقة”.