جاء في وكالة “المركزية”:
يدخل التكليف الثاني لتشكيل الحكومة بعد استقالة الرئيس حسان دياب اسبوعه السادس، وسط انسداد الافق وانعدام الامال بإبصار حكومة الانقاذ النور قريباً، على رغم الحاجة الملحة والضرورة القصوى لها مع تفاقم الازمات التي بلغت الاحتياط الالزامي والانهيار التدريجي في كل القطاعات وقرب الوصول الى خط النهاية حيث “جهنم الموعودة”.
العقبات معروفة والعراقيل المصطنعة كثيرة والاتهامات للرئيس سعد الحريري تتناوله في كل يوم، تارة بإلحاق الغبن بالمسيحيين واخرى بعدم مراعاة معيار المساواة بين القوى السياسية والطوائف، تأتيه احيانا من الحلفاء قبل الخصوم ، بدليل الموقف الذي اعلنه اليوم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، موضحا ردا على سؤال عن التواصل بينه وبين الرئيس المكلف سعد الحريري، “لا تواصل بيننا” مستطرداً “والله انا حكيتو وأريد التحفظ هنا عما قلت له وما سمعته منه”، و”يبدو انهم يعملون على خلق عقدة درزية وهي غير موجودة. لكن اذا كان الإتجاه وفق هذه الطريقة فمن الأفضل ان نتعاطى مع الحكومة المقبلة كما فعلنا مع حكومة حسان دياب”.
وعلى جبهة الخصوم في السياسة، لا في المواقع الدستورية، اذ ان عدم رضى الرئيس ميشال عون على الحريري غير خفي، بعد البيان الرئاسي الشهير قبيل التكليف وفي اعقاب ارجاء الاستشارات النيابية الملزمة الذي وجه فيه تهمة الفساد ولو بطريقة غير مباشرة للحريري، تقول اوساط سياسية مطلعة لـ”المركزية” ان الرئيس ميشال عون طلب في الاجتماع الاخير مع الرئيس المكلف سعد الحريري ان يعود اليه بتشكيلة كاملة لمناقشتها تتضمن الاسماء وتوزيع الحقائب لا ان يناقشه فقط في اسماء الوزراء المسيحيين. وتمنى عليه التواصل والتشاور مع الكتل لانها في النهاية هي التي تمنح حكومته الثقة. والنصيحة ذاتها، تشير الاوساط، يسديها حزب الله للرئيس المكلف لان من دون الوقوف على رأي الكتل النيابية لا مجال للحكومة ان تبصر النور.
في مضمون هذه النصائح دعوة مبطنة للحريري للاجتماع برئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، وهو ما يدركه ويرفضه الرئيس المكلف ويصر على تشكيل الحكومة وفق النص الحرفي للدستور، اي ان الرئيس المكلف يشكل الحكومة بالتعاون مع رئيس الجمهورية من دون اي طرف ثالث، تماما كما نص بيان الرد الرئاسي امس. آنذاك تخرج التشكيلة من بعبدا وتشق طريقها نحو المجلس النيابي، فإما تنال الثقة او تسقط، وهنا ينتهي مسارها الدستوري.
ان تشكيل الحكومات لطالما تجاوز الدستور وقفز فوقه طوال العقود الماضية، حيث كانت الكتل النيابية تختار الوزراء والحقائب ليتبنى الرئيس المكلف الصيغة. هذه الالية يرفضها الحريري اليوم، كما تؤكد الاوساط، فهو ليس مجرد صندوق بريد، والحكومة ليست منبرا لتوزيع الحصص والمكاسب والمكافآت على من قدم خدمة خاصة لهذا المسؤول او ذاك السياسي، هي، للتذكير، اداة تنفيذية في الدولة لخدمة الشعب يحاسبها المجلس النيابي. هذا في الظروف الطبيعية في اي دولة في العالم. فكيف بالحري في دولة منهارة على شفير الافلاس تحتل المراتب الاولى في مؤشرات التضخم والفساد في العالم؟ هل من يوصل الصوت الى آذان المعنيين بتشكيل الحكومة وناصبي الافخاخ ورافعي جبال العراقيل، وقد بلغ السكين رقاب اللبنانيين وبات تشكيل حكومة الانقاذ سريعا خشبة الخلاص الاخيرة؟