كتب منير الربيع في “المدن”: تستغل إدارة ترامب الأميركية المدة المتبقية لها لاستكمال استراتيجيتها التصعيدية في لبنان وإيران. وهذا ما بادر به وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بعض الشخصيات اللبنانية التي التقاها على هامش زيارته باريس، ولقائه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جان إيف لودريان.
بومبيو وحزب الله
وقال بومبيو للبنانيين إن بلاده لن تتراجع أبداً عن ضغوطها، بل ستصعد وتيرتها بقوة في المرحلة المقبلة، على نحو لن يمكّن إدارة جو بايدن من تغيير المسار الذي تفرضه إدارة دونالد ترامب. وهو أكد أن بلاده لن تسمح بتشكيل حكومة تضم حزب الله، ولن تعترف بهذه الحكومة في حال تشكليها، وستحجب عنها كل أشكال الدعم، وتمنع أي دولة من تقديم مساعدات للبنان.
تحيل الإدارة الأميركية الحالية المشكلة كلها إلى مشاركة حزب الله في الحكومة. وهذا ما يعطي طابعاً خارجياً لعرقلة تشكيل الحكومة، ولا يجعلها محصورة في الصراع على الحصص بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف.
وفي المقابل، يندرج ردّ حزب الله على هذا الكلام باعتباره غير واقعي. وهو يشدد على أن قوى لبنانية تحاول استغلال مثل هذه المواقف والتسويق لها لتعطيل تشكيل الحكومة، أو لتحسين شروطها. ويعتبر حزب الله أنه لم يتبلغ هذا الموقف، لا من الرئيس المكلف، ولا من الفرنسيين الذين لم يتبلغوه، ولا تبلغه الرئيس المكلف، وبالتالي لم يتبلغه الحزب.
براءة حزب الله من العرقلة
لذا، يحيل حزب الله المشكلة إلى الحسابات الداخلية. وتحديداً إلى الخلاف القائم بين عون والحريري على تسمية الوزراء المسيحيين. وخصوصاً أن الحريري يرفض أن يسمي عون ومن خلفه باسيل الحصة المسيحية في الحكومة، مقترحاً التفاهم مع عون على عدد من الوزراء المسيحيين وليس جميعهم.
ويلفت حزب الله إلى أن حلّ هذه المشكلة، سيخلو تشكيل الحكومة من أية عقبة شيعية، وستتشكل سريعاً. وهذا يسقط الادعاءات بأن حزب الله هو من يعرقل مسار التأليف.
وتعتبر مصادر متابعة لعملية التشكيل أن المشكلة ليست في اختيار الثنائي الشيعي الوزراء الشيعة. وتنفي مصادر الرئيس المكلف لجوء حزب الله وحركة أمل إلى تسمية وزرائهما، والتي تعتمد على توافقه معهما بضمانة فرنسية. والدليل هو آلية اختيار وزير المال، برعاية فرنسية. وتشير معلومات إلى أن الإسم أصبح معروفاً، وهو من آل الزين، وخريج الولايات المتحدة الأميركية، ويعمل في بريطانيا، ومعروف على الصعيد الدولي والأوروبي تحديداً.
انتظار بايدن وتشاؤم بري
لكن، لا يبدو أن مسار التشكيل سهل. وهناك تقديرات بأن الجميع ينتظر مغادرة دونالد ترامب البيت الأبيض، ودخول جو بايدن إليه، كي يخفف من الشروط الأميركية المفروضة على لبنان. ويمكن آنذاك تمرير عملية تشكيل الحكومة.
وفي هذا السياق يبدو الرئيس نبيه بري متشائماً جداً في ظل الأوضاع القائمة. ونظرة قاتمة إلى المستقبل. وهو يتوقع المزيد من الانهيار والانفجارات السياسية والاجتماعية، ويخشى من أن تطال الجانب الأمني. ويتمثل الخطر الأساسي في وصول الاحتياطي المالي لدى مصرف لبنان إلى الخطّ الأحمر. وهذا يؤدي إلى تدهور سريع، يبحث برّي في كيفية تفاديه باقتراحات ترشيد الدعم، وصولاً إلى وقفه المتباطئ، كسباً للوقت وتأخيراً للانهيار الكبير.