“هاجمني المستوطنون قرب منزلي، فحاولت الدفاع عن نفسي، لكني فوجئت بعشرات الجنود يحيطون بي ويضرونني”، هكذا استهل الفتى محمد عارف جابر (17عاما)، حديثه لوكالة الأناضول عن تجربة اعتقاله من قبل الجيش الإسرائيلي.
واعتقل الطفل جابر قرب المسجد الإبراهيمي وسط مدينة الخليل (جنوب الضفة الغربية المحتلة) في 30 أكتوبر/تشرين أول الماضي، وأفرج عنه بعد أربعة أيام “صعبة”.
ويضيف جابر “استمر التنكيل لنصف ساعة، وبدل حمايتي، جاء الجيش لحماية المعتدين، وهم المستوطنون”.
وقال “الجنود ألقوني أرضا، وقاموا بتقييد يداي بقيود بلاستيكية، ثم وضعوا عصبة على عيناي، وأخذوني إلى النقطة العسكرية القريبة، وهناك أجلسوني مقيدا على كرسي”.
وأردف “بقيت مقيدا ومغطى العينين عدة ساعات، تعرضت خلالها للضرب على رأسي والركل على مختلف أنحاء جسمي، ثم جاءت الشرطة (الإسرائيلية) لتحقق معي، ثم نقلوني إلى سجن عتصيون (مركز توقيف شمال الخليل)”.
وتابع جابر “وضعوني في السجن مع أربعة أطفال آخرين، ومكثت هناك أربعة أيام صعبة للغاية”.
وكشف أنه “خلال ثلاثة أيام لم يقدموا لنا من الطعام سوى وجبة واحدة في اليوم”.
وقال “في اليوم الثالث نقلونا إلى غرفة قذرة تحت الأرض، اضطررنا فيها للنوم على المياه، وفي مساء اليوم الرابع تقرر الإفراج عني مع توجيه تحذيرات وتهديدات”.
ويحتفل العالم، الجمعة بيوم الطفل العالمي (20 نوفمبر/تشرين ثاني) بهدف “تعزيز الترابط الدولي، والتوعية بين الأطفال في جميع أنحاء العالم، وتحسين رفاه الأطفال”.
**700 طفل يحاكمون عسكريا سنويا.
تلخص تجربة محمد جابر، حالة الطفولة في فلسطين في ظل الاحتلال، فهو واحد من بين حوالي 700 طفل فلسطيني يحاكمون أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية سنويا، وفق فرع فلسطين في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال.
ووفق تعريف الأمم المتحدة فإن الطفل هو الإنسان الذي لم يتجاوز الثامنة عشرة.
ووفق توثيق الحركة العالمية، فإن 2115 طفلا فلسطينيا استشهدوا برصاص الجيش الإسرائيلي وعلى أيدي المستوطنين منذ عام 2000 وحتى نهاية أكتوبر/ تشرين أول الماضي، بينهم 521 طفلا لا تزيد أعمارهم عن 8 سنوات.
أما عن اعتقال الأطفال، فوثقت المؤسسة 1346 حالة اعتقال منذ بداية العام الجاري، في حين اقترب عدد المعتقلين من 3 آلاف معتقل منذ 2008، بينهم نحو 500 طفل أعمارهم بين 12 و15 عاما.
**أطفال محرومون من الحقوق
وبعد مرور ٣١ عاما على اعتماد الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل، يقول خالد قزمار مدير فرع فلسطين في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، إن الصغار في فلسطين “محرمون من التمتع بالحقوق الواردة بالاتفاقية”.
ويضيف في حديثه لوكالة الأناضول أن المجتمع الدولي والأمم المتحدة “ما زالا عاجزين عن تطبيق بنود الاتفاقية على كل أطفال العالم”.
ويوضح أن اتفاقية حقوق الطفل، هي أول اتفاقية تنال إجماع العالم من حيث عدد الدول الموقعة عليها، وهي كل دول العالم، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية.
وقال إن فشل المجتمع الدولي في تطبيق الاتفاقية “يساعد في استمرار سياسة الإفلات من العقاب، وانعدام وجود نظام دولي لمساءلة مجرمي الحرب منتهكي حقوق الأطفال، ومنهم الضحايا من أطفال فلسطين”.
وتابغ “حقوق الأطفال الفلسطينيين تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي تكاد تكون منتهكة بشكل يومي، حيث تطال تلك الانتهاكات حقوق الإنسان الأصلية كالحق بالحياة والتعليم والصحة والبيئة الآمنة”.
وأشار إلى تعرض حوالي ٧٠٠ طفل فلسطيني سنويا للاعتقال، والمحاكمة أمام محاكم عسكرية “بعيدة كل البعد عن معايير المحاكمة العادلة، حيث يتعرض الأطفال إلى التعذيب وإساءة المعاملة”.
وقال إن عشرات الأطفال يفقدون حياتهم سنويا على يد قوات الاحتلال والمستوطنين.
**لا حماية للأطفال
وأعلنت الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، في أغسطس/آب الماضي أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أجرت تعديلات على الأمر العسكري الإسرائيلي رقم 1651، حَرم الأطفال من الحماية.
وذكر المحامي عايد قطيش، مدير برنامج المساءلة القانونية في الحركة، في حينه للأناضول أن العقوبة المفروضة على الأطفال في هذه الفئة كان سقفها الأقصى لا يتجاوز ستة أشهر فعلية، لكنه بات مفتوحا.
ويقدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (رسمي) عدد الأطفال في دولة فلسطين (الضفة وغزة) بنحو 2.27 مليون طفل، أي حوالي 45% من إجمالي السكان.
وبحسب مؤسسات تعنى بشؤون الأسرى، يبلغ عدد المعتقلين الفلسطينيين الأطفال في السجون الإسرائيلية حاليا نحو 170 طفلا، من بين نحو4500 معتقلا.