اختص صلى الله عليه وسلم بأنه أول من تنشق عنه الأرض، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد ولد آدم وأول من تنشق عنه الأرض، وأول شافع وأول مشفع» .
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا: «أنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة فانفض التراب عن رأسي، فآتي قائمة من قوائم العرش فأجد موسى قائما عندها فلا أدري انفض التراب عن رأسه، أو كان ممن استثنى الله» .
وقوله «أنفض التراب» قال الحافظ: يحتمل أن تجويز المعية في الخروج من القبر، أو هي كناية عن الخروج من القبر.
كما خص صلى الله عليه وسلم بأنه أول من يفيق من الصعقة، فقد روي عنه عليه السلام أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينفخ في الصور فيصعق الناس، فأصعق معهم، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي، أو كان ممن استثنى وحوسب بصعقة النار» .
تنبيهان:
الأول: استشكل الجزم بكونه صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض، وأول من يفيق مع التردد من خروج موسى قبله، وإقامته قبله.
وأجيب بأن النفخة الأولى يعقبها الصعق في جميع الخلائق أحيائهم وأمواتهم، وهو الفزع كما وقع في سورة النمل “ففزع من في السماوات ومن في الأرض”، ثم يعقب ذلك الفزع للموتى زيادة لما هم فيه وللأحياء موتا ثم ينفخ الثانية للبعث فيفيقون أجمعين، فمن كان مقبورا انشقت عنه الأرض فخرج من قبره ومن ليس بمقبور لا يحتاج إلى ذلك.
الثاني: قال سلطان العلماء العز بن عبد السلام ما وجه هذا التردد مع صحة خبر أنه صلى الله عليه وسلم مرّ بموسى ليلة أسري به قائما يصلي في قبره عند الكثيب الأحمر، وأخبر أيضا عن صعقة موسى وما جرى له مع ملك الموت.
قال: الصحيح منها ما ذهب إليه الإمام العلامة الحافظ أبو شامة المقدسي، وقال: إنه جواب صحيح أرشد إليه أبو عمرو بن الحاجب قال: ثم وجدت تقريره في الكتاب والسنة عن واحد من العلماء، أن هذه الصعقة المذكورة في الحديث ليست النفخة الواقعة في آخر الدنيا، ولا الثانية التي يعقبها نشور الموتى من قبورهم، فإنما هي صعقة كما في الناس يوم القيامة، فيصعق من في السماوات والأرض إلا من شاء الله، وهي المشار إليها في آية الزمر، وذلك أول من حملها على صفة آخر الدنيا، والدليل على أن في آخر يوم القيامة صعقة قوله تعالى: “فذرهم حتى يلاقوا يومهم الذي فيه يصعقون”، وهذا ظاهر في يوم تعمهم فيه الصعقة، فأصعق معهم فأكون أول من يفيق وفي رواية: «فأكون أول من تنشق عنه الأرض» قال: وهذا والله أعلم تفسير من الراوي، واللفظ الأول أولى أن يكون محفوظا، وهوقوله صلى الله عليه وسلم: «من يبعث» فظن بعض الرواة أن المراد من ذلك البعث من القبور
فقال: أول من تنشق عنه الأرض والنبي صلى الله عليه وسلم أول من تنشق عنه الأرض حقا كما جاء في حديث آخر.