قبل 10 أيام، ركب حوالي 50 لبنانياً في عبّارة، أبحرت بهم تسللاً من ساحل بلدة “المنية” القريبة في أقصى الشمال اللبناني 10 كيلومترات من مدينة طرابلس، واتجهت بهم إلى حيث كانوا يحلمون بقطع ما لا يزيد عن 180 كيلومترا للوصول إلى مياه قبرص الإقليمية، لطلب اللجوء من سلطاتها، تمهيدا للانتقال منها فيما بعد إلى بلد أوروبي.
إلا أن الرياح جرت على العبارة ومن فيها بعكس ما خططت له شبكة تهريب، تقاضت أكثر من 1000 دولار تقريبا من كل منهم، لأنها تاهت بين قبرص وتركيا، بعد أن نفد وقودها من المازوت، فواجه من عليها الجوع والعطش، ولفظ 14 أنفاسهم الأخيرة، بينهم طفل بقيت جثته إلى جانب أمه طوال يومين، إلى أن قامت زينب القاق، بما يصعب أن تقوم به أم، ولو بالكوابيس: رمته إلى البحر ليكون مثواه الأخير، ثم راحت تبكي وتولول غاضبة حين زارها مراسل موقع “صوت بيروت إنترناشيونال” بعد نجاتها وعودتها إلى البيت مع ابنة كانت معها في “عبّارة الموت” وعمرها 10 سنوات.
فلتحترق قلوب السياسيين
وأوضحت الأم الثكلى أن طفلها فارق الحياة بعد 3 أيام من إبحار العبارة، ثم هاجمت وزير الصحة اللبناني حمد حسن، لأنه لم يعتن بزوجها المريض بالسكري، وتساءلت “أين بي الكل” في إشارة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، وقالت: “إن شاء الله، كما احترق قلبي تحترق قلوب السياسيين”. إلا أنها لم تذكر شيئا عن المتهمين بشبكة تهريب اللاجئين غير الشرعيين، وهما المتواريان عن الأنظار: برهان قطريب، وصهره أحمد صفوان، من بلدة “ببنين” في قضاء عكار، بالشمال اللبناني أيضا.
والصهر صفوان، هو من “اتفق مع عشرات من أبناء بلدته على تأمين سفرهم إلى قبرص عبر مركب مجهّز، وأخذ منهم كل أمتعتهم وطعامهم وحليب الأطفال، واعداً بتسليمهم إياها في عرض البحر” على حد ما ورد بشأنه في “راديو صوت بيروت إنترناشيونال” المضيف أنهم هربوا من الجوع وماتوا على العبارة من الجوع، لأن السبل انقطعت بهم بعد نفاد وقودها، ولم يكن على متنها ماء للشرب ولا طعام.
وفارق الحياة طفل آخر
أما شقيقة الطفل المرمي في الماء، فنسمعها تروي في الفيديو ما عاينته بنفسها، وكيف كان النزاع على الماء بين المجموعة المهاجرة، حيث حاول الجميع الحصول على عبوات المياه لعدم توفرها، وإنها أبلغت والدتها بأنها تشعر بعطش وترغب بشيء من الماء، بحسب ما تلخص “العربية.نت” روايتها، وفيها تضيف: “وعندما حصلت على عبوة، حاولت شربها كلها، فصارت أمي تأخذها مني لتشرب هي أيضا. أما أخي الصغير، فكان يبكي ويصرخ بسبب الجوع، وعلى مدار يومين كانت تطلع روحه حتى مات” وفق تعبيرها.
إلى ذلك، قال محمد سفيان محمد، الذي فقد بدوره ابنه خلال الرحلة، “كذبوا علينا بأنه سيتم تأمين المأكل والمشرب لنا بينما لم نجد شيئا من ذلك صار ابني يطلب شرب الماء الذي لم يكن متوفرا، فصرت أعطيه مياها مالحة وشرب منها 3 عبوات صغيرة، وكذلك شرب الحليب ونسكافيه، لكن لم يستطع المقاومة” فدخل بنوبة من المرض وبعد ساعتين فارق الحياة.