كانت العرب تأنف أن تبكي على النساء، خاصة الزوجات، حتى لا يقال عنهم إنه أصيبوا بالجزع والضعف لأجل وفاة زوجاتهم، حتى جاء النبي صلى الله عليه وسلم، وضرب المثل الأعلى في التعامل مع زوجاته ليكون قدوة من بعده.
صبر أسيد بن حضير على موت زوجته:
تقول عائشة رضي الله عنها: قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذي الحليفة، وكان غلمان الأنصار يتلقون أهليهم، فلقوا أسيد بن حضير رضي الله عنه فنعوا له امرأته.
فتقنع وجعل يبكي، فقلت: غفر الله لك أنت صاحب رسول الله ولك من السابقة والقدم ما كل وما أنت تبكي على امرأة؟ قالت: فكشف رأسه، قال: صدقت لعمري ليحق أن لا أبكي على أحد بعد سعد بن معاذ وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال قلت: وما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال: «لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاد»، قلت: وهو يسير بيني وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفاة زينب بنت جحش:
عن عبد الله بن أبي سليط رضي الله عنه قال: رأيت أبا أحمد بن جحش رضي الله عنه يحمل سرير زينب بنت جحش وهو مكفوف وهو يبكي، فأسمع عمر رضي الله عنه وهو يقول: يا أبا أحمد تنحّ عن السرير لا يعنك الناس، وازدحموا على سريرها.
فقال أبو أحمد: يا عمر هذه التي نلنا بها كل خير، وإن هذا يبرد حر ما أجد، فقال عمر: الزم، الزم.
صبر ابن مسعود على موت أخيه عتبة:
ولما أتت عبد الله – يعني ابن مسعود – رضي الله عنه وفاة عتبة رضي الله عنه – يعني أخاه – بكى فقيل له: أتبكي؟ قال: كان أخي في النسب، وصاحبي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أحب مع ذلك أن كنت مت قبل أن يموت فأحتسبه أحبّ إليّ من أن أموت فيحتسبني.
وعن خيثمة رضي الله عنه قال: لما جاء عبد الله نعي أخيه عتبة دمعت عيناه فقال: إن هذه رحمة جعلها الله لا يملكها ابن آدم.