ظهرت أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم المعجزة في جميع تصرفاته، خاصة مع النساء، في بيئة لم تكن النساء فيها إلا في آخر قائمة التفكير في مكونات المجتمع العربي الغارق في الجاهلية والعصبية، التي لم تكن تعتد إلا بالولد الذكر.
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عظيم الخلق، حسن المداراة مع زوجاته، وحثه على برهن والصبر عليهن ومحادثته لهن وصبره معهن- رضي الله تعالى عنهن- أجمعين.
يقول أنس بن مالك خادم النبي أن أم سلمة أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في صحفة أو في قصعة وهو في بيت عائشة، فضربت عائشة يد الخادم فسقطت ورمت الصحفة بقهر فانفلقت.
فجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلق الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام التي كان في الصحفة، ويقول: غارت أمكم مرتين ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صحفة عائشة، فبعثها إلى أم سلمة، وأعطى صحفة أم سلمة عائشة.
وقالت عائشة- رضي الله تعالى عنها- : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد فطر أو أضحى، أو أيام منى، وعندي جاريتان يغنيان بما قالت الأنصار يوم بعاث، قالت، وليستا بمغنيتين تدفقان فاضطجع على فراشي، وحول وجهه ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمار الشيطان، وفي رواية أمزمور الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهما لكل قوم عيد، وهذا عيدنا.
فلما غفل غمزتهما فخرجتا، وكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما : «تشتهين تنظرين» ؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه خدي على خده، .. تقول عائشة: فاقدروا قدر الجارية العربية الحديثة السن.
وسئلت عائشة- رضي الله تعالى عنها- كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خلا مع نسائه، قالت: كان كرجل من رجالكم، إلا أنه كان أكرم الناس وأحسن الناس خلقا كان ضحاكا بساما صلى الله عليه وسلم.
كما سئلت أيضا: كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهله، قالت: كان أحسن الناس خلقا، لم يكن فاحشا ولا متفحشا ولا صخابا في الأسواق، ولا يجزئ بالسيئة مثلها، ولكن يعفو ويصفح .
وروى أيضا – رضي الله تعالى عنها-: زارتنا سودة يوما، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينها فأتيت بحريرة فقلت لها: كلي، فأبت، فقلت لتأكلين وإلا لطخت وجهك، فأبت، فأخذت من القصعة شيئا، فلطخت به وجهها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع رجله من حجرها، وقال الطخي وجهها فأخذت شيئا من القصعة فلطخت به وجهي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك.
فمر عمر فنادى، يا عبد الله يا عبد الله فظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيدخل فقال: قوما فاغسلا وجوهكما قالت عائشة: فما زلت أهاب عمر لهيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم.