في أحدث تصريح لرامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، ورجل الأعمال المعاقب دولياً لتورطه بقضايا فساد، ومنذ عام 2008، بدت الأمور بينه ونظام الأسد، تتصعد أكثر فأكثر، فأطلق تهديداً بزلزلة الأرض في البلاد، إن استمر ما يصفه بالظلم اللاحق به.
وسرد مخلوف في تدوينته، السبت، على حسابه الفيسبوكي، مجمل المحطات التي مرت بها علاقته بمؤسسات النظام السوري، من الطلب إليه بدفع مبلغ 130 مليار ليرة سورية، لصالح خزينة النظام، إلى الطلب من شركته “سيرتيل” دفع ما قيمته 50% من عائدات الشركة، لصالح هيئة الاتصالات التابعة للأسد، الأمر الذي يعني إفلاس الشركة، كما قال.
وتحدث عن حجز الأسد على أمواله المنقولة وغير المنقولة، واعتقال موظفيه ثم الطلب بتعيين حارس قضائي على شركة “سيرتيل” للاتصالات الخلوية التابعة له.
العنوني إن لم تتزلزل الأرض!
ومجدداً، استعمل مخلوف ورقة المعونات التي يقدمها لصالح جرحى جيش الأسد، في مسعى منه لتحريك تلك البيئة ضد رئيس النظام السوري، كما سبق واتهمه به مقربون من الأسد. وقال إنه ليس بمقدور أحد أن يمنعه من إيصال الأموال في فعل “الخير” بوصفه.
ورفع ابن خال الأسد الذي يعتبر واجهة آل الأسد الاقتصادية في الأصل، ويستثمرون الأموال التي نهبوها من غالبية الشعب السوري، عبر شركاته المتعددة وفي أكثر من بلد، من سقف تهديداته للنظام السوري، حيث قال: “إن أصروا على موقفهم بنصرة الظالم على المظلوم، فالْعنوني إن لم يكن هناك تدخل إلهي يوقف هذه المهزلة ويزلزل الأرض بقدرته تحت أقدام الظالمين”. مضيفا بلغة الواثق مما سيحصل: “ستذهلون” من تلك الزلزلة.
وكان مخلوف في تلك التدوينة، يوجه أكبر تهديد علني لنظام الأسد، منذ ظهور الخلاف بينه وبشار الأسد، على وسائل الاعلام، في الثلاثين من شهر نيسان/ أبريل الماضي.
وسائل مخلوف لتنفيذ تهديداته
ويتساءل مراقبون عن الوسائل التي يمتلكها مخلوف، لتوجيه مثل تلك التهديدات. تقديرات تحدثت سابقا عن علاقته ببعض الأحزاب السياسية. وتقديرات أخرى أشارت إلى وجود عدد كبير من ضباط وجنود جيش الأسد، من المحسوبين عليه ويتلقون منه مرتبات شهرية بانتظام، ومنهم ضباط برتب عالية. وكذلك هناك عدد من مسؤولي نظام الأسد المحسوبين على مخلوف. لكن كل هذه التقديرات لم تصل إلى تصور الوسائل التي يمتلكها مخلوف ليواجه رجلا كبشار الأسد، أولا هو ابن طائفته العلوية، وثانيا هو ابن خاله، وثالثا، هو واجهة اقتصاد عائلة الأسد، ويملك كثيرا من الأسرار “القذرة” التي يمكن لها أن “تزلزل” الأرض من تحت أقدام النظام. بحسب مراقبين.
“الأسرار” القذرة سلاح بحدّين
“أسرار” رامي مخلوف، هي الوسيلة الوحيدة التي يمتلكها لتنفيذ تهديداته. بحسب مراقبين. خاصة وأن مخلوف من قلب النظام، وكان متورطا وشريكا برسم السياسات الأمنية والداخلية والخارجية. واعترف هو نفسه، بتصريح مصور، بأنه كان داعماً كبيرا لجميع أجهزة أمن الأسد، تلك المتهمة بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وراح ضحية لممارساتها المتوحشة، عشرات الآلاف من معارضي النظام، تحت التعذيب والإعدام بدم بارد.
ويرى محللون، أن تصعيد مخلوف ضد بشار الأسد، ينطوي على مخاطر كبيرة قد تحيق به.
وكان آخر إجراء اتخذه الأسد ضد مخلوف، هو إيقاف تداول أسهم “سيرتيل” المملوكة له، في سوق الأوراق المالية. سبقها بخطوات تصعيدية ضده، كمنعه من السفر خارج البلاد، وإلقاء الحجز الاحتياطي على أمواله المنقولة وغير المنقولة.
شرخ الطائفة العلوية
وبدت الطائفة العلوية، في بادئ الأمر، كما لو أنها غير معنية بصراع الرجلين، الأسد ومخلوف، إلا أن الحقيقة أن الشروخ بدأت تضرب الطائفة، بشكل واضح، وهو ما أكده الدكتور أحمد أديب الأحمد، أستاذ الاقتصاد في جامعة “تشرين” التابعة لحكومة الأسد، وصاحب ما يعرف بالمجمع العَلَوي على الإنترنت، وهو سليل أحد أشهر شيوخ الطائفة، أحمد بن عريض الغساني المدفون في “جبلة” بمنطقة “قرفيص” التي هي مسقط رأس ومقر إقامة رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الأسبق، علي دوبا، أحد أكثر رجال النظام السوري وحشية وعنفاً ورعباً.
وقال أحمد إن مخلوف لا يتوقف عن شرخ الطائفة العلوية. وهاجم الأحمد مخلوف متهما إياه بتحريض فقراء الطائفة ومصابيها، على الأسد.
عليَّ وعلى أعدائي!
وفيما يصور في سوريا على أنه مسعى من أسماء الأخرس، زوجة الأسد، لوضع يدها على أموال رامي مخلوف، وأنها لا يمكن أن تتحرك في هذا الاتجاه بدون ضوء أخضر من بشار، سعت أسماء لسحب ورقة الفقراء والجرحى من يد مخلوف، فأعلنت تقديم منحة مالية طارئة لجميع جرحى جيش النظام، ثم عاود مخلوف الظهور بمظهر القوي والقادر، فأعلن تحويل مئات ملايين الليرات السورية إلى جرحى الأسد، عبر مؤسسته “البستان” فردت الأخيرة عليه بأنها تعمل تحت إشراف الأسد.
التصريح الأخير لمخلوف، أعاد الكرة مجددا إلى ملعب الأسد، وهدد بأن لا أحد قادرا على منعه من تحويل الأموال إلى جرحى جيشه وفقرائه، مطلقا التهديد الأكبر للنظام، وقال: العنوني إن لم يكن هناك تدخل إلهي لإيقاف هذه المهزلة، ويزلزل الأرض. لكن على من ستتزلزل؟ سؤال يتركه المراقبون برسم الكيفية التي سيتعامل بها بشار الأسد مع هذا التهديد الذي يمكن أن تكون وسائل تحقيقه عند مخلوف، إما بتحريك عدد غير قليل ضد الأسد من داخل بيئته الحاضنة في الساحل السوري، أو بوصول مخلوف إلى مرحلة “عليَّ وعلى أعدائي” فيزلزل الأرض من تحت أقدام النظام بإذاعة أسراره، حتى لو أصابه من ذلك ما سيصيب النظام.
يؤكد عارفون بالمنطقة الساحلية، أن رامي مخلوف لديه الكثير ضد بشار الأسد، بل ضد النظام بأسره، لا بصفته معارضا سياسيا، بل بكونه أحد صناع سياسات وخيارات ذلك النظام. فإن وصل مخلوف إلى مرحلة “اللاعودة” فإن من الممكن لشيء خطير أن يحصل، خاصة أن بيئة العلويين بدأت بالغليان، ما بين مخلوف والأسد، منذ أسابيع، وبدأت تعلو بعض الأصوات المهددة مباشرة لمخلوف، أو الأصوات التي تتهم زوجة بشار الأسد، بأنها في طريقها لابتلاع “ثروة” العائلة التي جمعت، على حساب لقمة السوريين منذ أيام حافظ الأسد.