في ظل الصراع الذي لا يزال مفتوحاً، ما بين رئيس النظام السوري بشار الأسد، وابن خاله رامي مخلوف، رجل الأعمال المعاقب دوليا لفساده، أقيل وزير التجارة وحماية المستهلك، في حكومة النظام، الاثنين، بعدما تحدثت أنباء في وقت سابق، عن تدخله بإصدار قرار اقتصادي بإيعاز من آل مخلوف.
وأصدر الأسد مرسومين حملا الرقمين (122) و(123) لعام 2020، يقضي الأول بإنهاء تسمية عاطف النداف، وزيرا للتجارة الداخلية وحماية المستهلك، فيما قضى الثاني بتسمية محافظ حمص، طلال برازي، وزيرا للتجارة، مع إنهاء تعيينه محافظاً، بحسب “سانا” الناطقة باسم النظام.
قرار الوزير المُقال
وكان وزير التجارة السابق، قد أصدر أمراً مفاجئاً، بمنع شركة “تكامل” المصدرة للبطاقات الذكية، من التدخل بتوزيع الخبر، في مناطق سيطرة النظام.
وأرجعت تقارير إخبارية مختلفة، قيام وزير التجارة السابق الذي أقاله الأسد، اليوم الاثنين، بمنع “تكامل” من التدخل بتوزيع الخبز، إلى صراع خفي ما بين محمد مخلوف وابنه رامي، من جهة، وفريق السيدة أسماء الأسد، قرينة رئيس النظام السوري من جهة أخرى.
وقالت التقارير، إن شركة “تكامل” يعود جزء كبير من ملكية أسهمها، إلى قريب أسماء الأسد، وإن محمد مخلوف، والد رامي، تقصّد إحداث “حرج” في بيئة النظام، عندما فضح هوية مالكي “تكامل” فقام وزير التجارة المُقال، بمنعها رسميا من التدخل في توزيع الخبر، عبر البطاقات الإلكترونية التي أطلقتها لذلك، بعدما وقعت عقدا مع حكومة النظام، منذ عام 2016.
وجاءت إقالة وزير التجارة، في ظل أنباء وصفت بالقوية، عن استقالة رئيس مجلس إدارة شركة MTN للاتصالات، والتي يهيمن عليها ابن خال الأسد، رامي مخلوف.
أسماء وأسماء
وشهد يوم أمس، الأحد، آخر ظهور لابن خال الأسد، بدون فيديو، بل بمنشور كتبه بصيغة دعاء مطول، اشتكى فيه من “ظلم فاق طاقة العباد” كرّر فيه كلمة “أسماء” أو “الأسماء” عدة مرات، رغم قصر المنشور، الأمر الذي لفت أنظار البعض، إلى أن ثمة ما هو مقصود، بإصرار مخلوف، على الإكثار من كلمة “أسماء” داخل النص.
وظهر صراع الأسد-مخلوف، علناً، في الثلاثين من شهر نيسان/ أبريل الماضي، عندما أعلن مخلوف بلسانه، عدم ثقته مطلقا بكل من حول الأسد، معلناً أنه تعرض لظلم بيّن، عندما أصرت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد، على دفع مخلوف مبلغ 230 مليار ليرة سورية، كفوارق تعاقدية عن شركتيه “سريتل” و”إم تي إن” المشغلتين لقطاع الاتصالات في البلاد.
وظهر مخلوف مرة أخرى، في الثالث من الشهر الجاري، مكررا “مظلوميته” جالساً على الأرض، ملتحياً، بخلفية من قطع حطب.
إنهاء رامي.. التسديد على روسيا
وبحسب وسائل إعلام وتقارير إخبارية، فإن روسيا لها اليد الطولى في ما حلّ برامي مخلوف و”قصقصة” جناحيه، بحسب تعبيرهم. وتناقلت وسائل التواصل الاجتماعي المحسوبة على أنصار النظام السوري، أكثر من مقال يشير إلى دور الروس في الإيعاز للأسد، بتطويق مخلوف وإنهاء ظاهرته.
وتوجّه نائب في برلمان النظام السوري، يدعى خالد العبود، ويحمل منصب أمين سر البرلمان، في السابع من الشهر الجاري، بتهديدات وصفت بالأعنف بحق الروس والرئيس الروسي، حيث هدد بإشعال “جبال اللاذقية” والتي تحتضن القاعدة العسكرية الروسية في “حميميم” بحريق، مطلقا تهديدات بإشعال “مقاومة” ضد “المحتل” الروسي، ردا منه كما قال، على “فرضية” الإعلام الروسي التي تحدثت عن تيار قوي في الكرملين، يدعم إزاحة الأسد، فتقدم “بفرضياته” التهديدية غير المسبوقة، وقام بعض نواب برلمان النظام بالرد عليه. فيما اعتبر العديد من المحللين، أن النائب المذكور، لا يمكن أن يقدم على مثل تلك التهديدات، إلا بضوء أخضر، من جهات عليا في النظام.
إيران تدخل على الخط
ولفت في هذا السياق، دخول إيراني على خط التوتر المتوقع ما بين الأسد وبوتين، فأصدرت الخارجية الإيرانية، الأحد، بياناً قالت فيه إن “الشعب السوري” هو الذي يحدد مصير حكومته وقيادته. في رد مباشر منها، على تسريبات روسية شبه رسمية، تكاثرت في الآونة الأخيرة، تحدثت عن إمكانية توافق روسي-إيراني-تركي، على الإطاحة بالأسد، ودعم حكومة تضم أطرافا من النظام والمعارضة.
ولم تعلق مصادر روسية رسمية، على التهديد الذي أطلقه برلماني قريب من الأسد، ضد قواتها في سوريا، كما لم يصدر النظام السوري أي “توضيح” أو “نفي” فيما اكتفى البرلماني المهدد للروس، بإصدار منشور ثان أوضح فيه أنه ليس ناطقا باسم النظام، ولم يتراجع عن تهديداته السابقة للروس، واعتبر إيران الحليف الأساسي للنظام السوري، قائلا إن علاقة الأسد بروسيا، تعتبر ثانوية قياسا بعلاقته بطهران، ثم نوّه في منشور لاحق، بموقف الخارجية الإيرانية.
ورامي مخلوف، رجل الأعمال وابن خال الأسد، معاقب دوليا منذ عام 2008، لتربحه غير المشروع على حساب قوت السوريين، حيث استفاد من قرابته بالأسد، بتكوين ثروة طائلة بصفقات فاسدة وتخويف خصومه التجاريين لاكتساب نقاط متقدمة عليهم. وتتابعت العقوبات الدولية عليه، في أوقات لاحقة، وتم تجميد أمواله في الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وسويسرا، ومنع الأشخاص والمؤسسات من التعامل معه، بأي شكل من الأشكال.