جاء في وكالة “المركزية” الآتي:
يحمل موقف رئيس الحكومة حسان دياب العالي السقف امس في مجلس الوزراء، دلالات كثيرة وخطيرة. فهو أتى ليعلن بوضوح، انتقال دياب “نهائيا” الى صفوف الفريق السياسي الذي أدخله السراي. فبعد ان سعى الرجل على مر الاشهر الماضية، الى التمايز عن 8 آذار وترك مسافة بينهما – ربما لاعتبارات “سنية” و”سياسية” محلية واقليمية – طويت هذه الصفحة رسميا امس، ليس فقط من خلال تبنّي دياب “أدبيات” هذه الجهة، لناحية تحميلها السياسات “الحريرية” و”تراكمات” العقود الماضية، مسؤوليةَ الازمة الاقتصادية الحالية، بل أيضا من خلال الهجوم المباشر الذي شنّه على “أوركسترا لا تهتم بأن البلد ينهار، بل المهم عندهم أن تفشل الحكومة وأن لا تنكشف عوراتهم والموبقات التي ارتكبوها وأدت إلى الأوضاع الخطيرة التي يعيشها البلد اليوم”.
بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، فإن الرجل كان يصوب على تيار المستقبل، ورئيسه سعد الحريري، من دون ان يسمّيه، خاصة لدى إشارته الى جهات “بدأت عندما اكتشفت أنها لم تستطع العثور على أي خطأ لهذه الحكومة، تحرّض في الخارج ضد لبنان لمنع الدول الشقيقة والصديقة من مساعدته ماليا ومنعه من الانهيار”، لا سيما وان زعيم “الازرق” موجود منذ ايام، في الامارات.
واذ تعتبر ان كان حريا بدياب تسمية هذه الاطراف بدلا من تجهيل المعرقلين والمعطلين (جريا على عادة كل مَن تعاقبوا على الحكم في لبنان) ترى المصادر ان كلام دياب مقلق، اذ يبدو يعلن فيه باكرا فشله في المهمة “الانقاذية” التي أتى لتحقيقها، ويقول للرأي العام اللبناني، وهو لم يكمل بعد 100 يوم في السراي، المقولةَ الشهيرة “ما خلّوني اشتغل”!
فبغض النظر عن أحقية ما يشكو منه رئيس الحكومة، تسأل المصادر “هل قامت حكومة “مواجهة التحديات”، بواجباتها “كاملة”، ولم تلق جهودها ترحيبا لدى الدول الشقيقة والصديقة”؟ وهل وضعت خريطةَ الطريق الاصلاحية المطلوبة، وأطلّت بها على العالم، وظلّت أبواب عواصمه مقفلة امامها؟
هذا لم يحصل بعد، والخطة الانقاذية التي ستعتمدها الحكومة لم تبصر النور حتى الساعة، ويتردد انها ستولد مطلع الاسبوع المقبل. وعليه، تتابع المصادر، فإن من السابق لأوانه توجيه السهام الى الخصوم، واتهامهم بالعمل على تشويه صورة الحكومة في الخارج. فسلوكٌ كهذا، كان ليصحّ، لو قامت الدولة بما عليها على أتمّ وجه، وبقيت العواصم الاقليمية والدولية الكبرى تصدّها وترفض ملاقاتها بالدعم والمساعدات الموعودة.
والاخطر، تضيف المصادر، هو ان يكون دياب راهن، قبيل موافقته على تسميته للتشكيل، على دعم “مجاني سريع” سيأتيه من دول الخليج، إن هو طمأن بلدانَه الى انه شخص “حيادي تقني” لا يكن لها العداء وأنه آت في مهمة اقتصادية صرف لا مكان للسياسة فيها، راسما حدا بينه وبين حزب الله. ويبدو دياب أيقن ان هذا الرهان لم يكن في مكانه- بدليل اشتراط الخليج اصلاحات جدية، للبحث لاحقا في “امكانية” مساعدته بيروت- وأن سيتعين على حكومته ايجاد طريقة لوقف الانهيار المعيشي – الاقتصادي – النقدي، من دون اي هبات او أموال خارجية تخفف من وطأة الاجراءات “الموجعة” التي يمكن ان تتضمنها… فكان ان فتح النار “استباقيا” على خصومه- علما انهم في المعارضة لا في الموالاة- وحمّلهم سلفا، مسؤولية فشله في وضع حد لانزلاق لبنان السريع نحو المهوار، أو أقلّه مسؤولية العلاج “القاسي” الذي ستفرضه حكومته على اللبنانيين في قابل الايام…