في كل مرة، كانت قرى جنوبي الخليل (جنوب الضفة) تتعرض، لاعتداءات المستوطنين وجيش الاحتلال، تجد المسن سليمان الهذالين (69عاما) في المواجهة، متصديا لهم بصدره العاري.
يلوّح بيده عاليا صارخا: “الله أكبر”، ويردد عبارة “اللهم حرر الأسرى والمسرى (الأقصى)”.
وعُرف الشيخ الهذالين، بلقب “أيقونة المقاومة الشعبية”، وقارع الاحتلال ومستوطنيه، حتى ترجل.
وفي مقابلة سابقة مع وكالة الأناضول، قال الهذالين: “عاهدت الله، في هذه الأرض، أن أقاوم فيها لآخر رمق، وأطلب من الله شهادة تغيظ العدو وتسُر الصديق”.
وأضاف :”لن أستكين، لن أركع ما دام يجري في شراييني دم (..) من ذا الذي لا يحب وطنه؟ هذا وطننا وطن الآباء والأجداد”.
وفي وقت سابق، من يوم الإثنين، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد الهذالين، متأثراً بجراح خطيرة أُصيب بها جراء تعرضه للدهس من مركبة إسرائيلية يوم 5 يناير/ كانون الثاني الجاري.
وقالت الوزارة في بيان، إن الهذالين استشهد متأثرا بجراحه الخطيرة التي أصيب بها عند مدخل قرية “أم الخير”، بمنطقة مَسافر يطّا جنوب الخليل، بعد أن دهسته مركبة تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلية.
وأوضح البيان، أن المسن الهذالين أُصيب في الرأس والصدر والبطن والحوض، وأُدخل إلى مستشفى “الميزان” (خاص) بالخليل لتلقي العلاج، إلى حين استشهاده صباح اليوم.
وفي 5 يناير، تعرض الهذالين لإصابات بالغة في أنحاء جسده بعد أن دهسته شاحنة للشرطة الإسرائيلية داخل قريته خلال حملة لجمع سيارات تعتبرها “غير قانونية”، وهي غالبا منتهية الترخيص، وتشترى لبيع قطعها.
ويُعرف عن الهذالين مشاركته الواسعة في فعاليات المقاومة الشعبية بالضفة، واعتراضه الآليات العسكرية الإسرائيلية في كل عملية مداهمة للتجمعات الفلسطينية شرقي بلدة يطّا، بالخليل.
وتسكن عشيرة الهذالين في قرية “أم الخير”، منذ عام 1956، حيث هُجّروا من منطقة تل عراد في النقب (جنوبي إسرائيل)، واشتدت معاناتها بإقامة مستوطنة “كرمئيل” على أراضيهم في العام1982.
وتعرضت القرية إلى أكثر من 15 عملية هدم، ولا يسمح لأصحابها تغيير أي من معالمها التي كانت عليها عند احتلال الضفة عام 1967، بل إن الاستيطان يزحف عليها ويحاصرها.
**اتهام إسرائيل بإعدام المُسن
إبراهيم الهذالين (شقيق المُسن)، اتهم السلطات الإسرائيلية باستهداف شقيقه أكثر من مرة.
وقال للأناضول: “قوات الاحتلال تعمدت دهس شقيقي الذي تصدى لمداهمة التجمع بصدره العاري؛ ضابطٌ أمر السائق بدهس الشيخ”.
وأضاف: “أرادوا التخلص منه، لما يُشكّله من رمزية وقوة في مواجهة الاستيطان والاحتلال، نحن على يقين أن ما جرى كان مدبرا”.
وتابع: “طالما كان الشيخ ( سليمان) في مواجهة الاستيطان الإسرائيلي، هُدم مسكنه، واعتقل واعتدى عليه بالضرب لكن ذلك لم يثنيه”.
وأضاف: “اليوم يرحل شهيدا”.
وتابع: “سيبقى بيت سليمان، المجاور للمستوطنة صامدا في مواجهة الاحتلال ومستوطنيه كما كان”.
**المسن المقاوم
ويرى عيسى عمرو، مسؤول تجمع “شباب ضد الاستيطان” في الخليل، إن “الهذالين مثال للرجل المناضل الذي لم يمنعه كبر سنه من المقاومة، وشكّل حالة فريدة من المقاومة الشعبية في جنوبي الخليل”.
وأضاف لوكالة الأناضول: “الهذالين جلب اهتماما دوليا كبيرا لما يعانيه المواطنين جنوبي الخليل، جراء ممارسات الاحتلال والاستيطان، لذلك نستشعر أن هناك نية إسرائيلية للتخلص من المُسن”.
وتابع: “عرفناه في كل الوقفات والفعاليات من أنشط النشطاء في مقاومة الاحتلال، يسير على قدميه مسافات طويلة للمشاركة في تجمع ضد الاستيطان، اعتدي عيله بالضرب وأصيب برضوض وبالاختناق”.
ولفت عمرو إلى أن الهذالين “رجل ينبذ الانقسام، ودوما يدعو للوحدة الوطنية لمواجهة الاحتلال”.
**إدانة
من جهتها، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان، ما وصفته بـ”إعدام” المُسن الهذالين.
وقالت “الخارجية” إن “هذه الجريمة حلقة في مسلسل جرائم الإعدامات الميدانية التي تنفذها قوات الاحتلال وفقا لتعليمات وتوجيهات المستوى السياسي والعسكري في دولة الاحتلال”.
وأضافت: “هذه الجريمة تعكس وحشية وعنصرية الاحتلال في قمعه وتنكيله بالمواطنين المدنيين العزل المشاركين في المسيرات السلمية دفاعا عن أرضهم في وجه الاستيطان والمستوطنين”.
وأردفت وزارة الخارجية أنها “ستتابع هذه الجريمة، وتفاصيلها العنصرية مع المنظمات الأممية المختصة والمحكمة الجنائية الدولية”.