لا يمكن الجزم بأن الانتخابات النيابية حاصلة لا محالة، رغم ان رئيس المجلس النيابي نبيه بري تقصد امس من الاونيسكو التأكيد ان البرلمان حازم على إجراء الإنتخابات النيابية وأن لا نية مطلقا في تأجيلها ،وتأكيد رئيس الحكومة
نجيب ميقاتي من جهته انه سيبذل قصارى جهده لإتمام الانتخابات النيابية في موعدها وبشفافية وتأمين الأمور اللوجستية.
إن إقرار البرلمان تعديلات على قانون الانتخاب بحيث اصبح موعد الانتخابات في السابع والعشرين من شهر آذار المقبل بدلا من شهر أيار، لا يعني أن العملية الانتخابية قد لا تتعثر. ووفق مصادر نيابية،ما حصل يبعث إلى القلق والترقب، مع تسجيل رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل اعتراضا على تغيير موعد الانتخابات لأسباب تتصل بالاحوال الجوية التي قد تعيق عملية انتقال الناخبين وبالصوم عند الطوائف المسيحية، وإعلانه أنه سيطعن بتغيير الموعد، وهذا الامر سيقود وفق نواب من كتل مختلفة الى تأجيل الإنتخابات. وعطفا على ذلك ليس محسوما توقيع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على قانون تقديم موعد الانتخابات. ففي حال رد رئيس الجمهورية القانون يصبح البرلمان بحاجة للاغلبية المطلقة من عدد الأعضاء الذين يؤلفونه من أجل الإصرار على القانون وبالتالي جعله واجب النشر، وعندها يكون بالامكان الطعن به لدى المجلس الدستوري خلال خمسة عشر يوما من النشر من رئيس الجمهورية او من رئيس مجلس النواب أو من رئيس الحكومة او من عشرة نواب وعندها يستطيع المجلس الدستوري فور ورود الطعن وقف تنفيذه لحين البت بالطعن، وخلال مهلة تقارب الشهر يفصل بالطعن من حيث مدى دستورية القانون.
والى حين جلاء الصورة قانونيا ودستوريا قدمت إطلالة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله التي شكلت تهديدا جدياً لحزب القوات بـ 100 الف مقاتل مدربين ومسلحين، لدفعه نحو التعقل بدل الانجرار خلف سياسات خارجية أو التفكير بالتقسيم أو باشعال الحرب الاهلية، هدية للدكتور سمير جعجع الذي ظهر بعد أحداث الطيونة أنه المدافع الشرس عن المناطق المسيحية والوجود المسيحي. وهذه ليست المرة الأولى التي يستعين بها الحكيم بالشارع للتعبئة عشية الانتخابات النيابية التي تحبذ معراب اجراءها في آذار المقبل، وهذا يعني أن الشارع قد يتحول إلى صندوق بريد للاستقطاب الجماهيري الطائفي والمذهبي، مع الإشارة إلى أن القوات تعول على مواقف موفدي الدول الغربية والعربية في مقاربة الملف اللبناني لجهة العمل على إحداث خرق في المعادلة القائمة راهنا في البرلمان وتسعى إلى جذب الدعم لها إلى جانب المجتمع المدني.
ما جرى يوم الخميس الماضي لم يشكل خطوط تماس بين المناطق الشيعية والمسيحية فحسب، إنما اعاد خطوط التماس بين العونيين والقواتيين، في ظل مواقف التيار البرتقالي التي جاءت أقرب إلى حزب الله وان أكدت ضرورة احترام ومراعاة خصوصية المناطق، لكن باسيل تعمد زيادة الطين بلة في الحملة على القوات بعد احداث الطيونة، فذكّرها في احتفال 17 تشرين بذكرى 13 تشرين بما ارتكبته ابان الحرب الاهلية وحرب الالغاء، وهذا من شأنه وفق الرؤية العونية ان يجيش الشارع المسيحي ضد القوات ويحاصر الحكيم في منطقته خاصة وانه ليس مرتاحا لوضعه على مستوى التحالفات في ضوء خلافه المستميت مع تيار المستقبل وعلاقته المتقلبة مع الحزب التقدمي الاشتراكي ورفض المعارضة ومجموعات المجتمع المدني التحالف معه.
عطفا على ذلك رسم السيد نصر الله مقاربة جديدة في علاقة الأحزاب السياسية مع الدكتور جعجع لا سيما عندما قارب مسألة احتجاز الرئيس سعد الحريري في السعودية، وعدم مجاراة النائب السابق وليد جنبلاط له في الذهاب الى مواجهة عسكرية مع الحزب، خلصت إلى أن حزب القوات سيكون وحيدا في الانتخابات النيابية المقبلة.
ومع ذلك فإن كل ما يجري من لعب على الوتر الطائفي بين المكونات السياسية يبقى محصورا ضمن قواعد اللعبة الانتخابية التي حضرت باكرا، علما أن هناك شبه اقتناع عند عدد من النواب أن هناك رغبة سياسية في تطيير الانتخابات رغم إصرار المجتمع الدولي على اتمامها في موعدها