لم تَسلَم مقابر قطاع غزة من العدوان الإسرائيلي الأخير، حيث طالت الغارات العنيفة، عددا منها، متسببةً بهدم مئات القبور وتناثر رفات الموتى واختفاء بعضها.
وقالت وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، في وقت سابق، إنّها وثّقت استهداف وتضرر 6 مقابر، في مناطق مختلفة من قطاع غزة، جرّاء العدوان، وهذه المقابر (التوينسي، علي بن مروان، الشيخ شعبان، السِيَفا، جباليا البلد، الفار).
ومنذ انتهاء العدوان، في 21 مايو/ أيار الماضي، بدأ المواطنون بالتردد على المقابر المتضررة، وإعادة ترميم قبور ذويهم، أو نقل الجثث إلى مقابر أُخرى في حال كان القبر مدمّرا بشكل كامل.
وتركت الصواريخ التي سقطت من المقاتلات الحربية، داخل المقابر، حفرا كبيرة جدا يزيد قطر الواحدة عن العشرين مترا.
هذه الحفر، ابتلعت بداخلها عشرات القبور، وتناثر بسببها رفات الموتى، واختفى بعضها، فضلا عن تضرر عشرات القبور المجاورة لها بشكل بليغ.
ويقول خالد نصر الله، حارس مقبرة “التوينسي”، بحي الشجاعية، شرقي مدينة غزة ” في ليلة يوم 14 مايو الماضي (ثاني أيام عيد الفطر)، تم استهداف المقبرة بصواريخ من الطائرات الإسرائيلية الحربية، ما أحدث دمار هائل في أرجاء المقبرة”.
ويضيف نصر الله “تضرر أكثر من 200 قبر بشكل كامل، فضلا عن تضرر العشرات منها بشكل جزئي”.
ويبيّن أن القبور التي تضررت بشكل كامل “لا يوجد بها أثر لرفات الموتى”.
إضافة لذلك، فإن منازل المواطنين المجاورة للمقبرة، تضررت بشكل كبير، من هذا الاستهداف.
واستكمل قائلا “لم يكن هناك أي مكان آمن في غزة خلال العدوان الإسرائيلي”.
ويجهل نصر الله السبب الذي دفع إسرائيل لاستهداف المقابر بشكل مباشر، خاصة وأنها تقع في وسط أحياء مدنية.
وقال عن ذلك مستهجنا “لا أعلم لماذا تم استهداف الأموات في قبورهم وما هو ذنبهم، أهذا هو بنك الأهداف المزعوم!؟ “.
وأشار إلى أن المقبرة تضم قبورا لأشخاص توفوا قبل تأسيس دولة الاحتلال (الإسرائيلي)، أي قبل أحداث النكبة.
وتابع “حتى الذين لما يعاصروا إسرائيل ولم يعلموا بوجودها تم استهدافهم، ولو أتتهم الفرصة لينطقوا لكان حال لسانهم يقول: إن الإبادة المجتمعية التي تمارسها تطالنا حتى في مقابرنا”.
ويُعبّر استهداف المقابر، وفق نصر الله، عن الحقد والبطش الإسرائيلي.
**البحث عن الرفات
يقول نصر الله إن العائلات الفلسطينية، التي دفنت أحبائها وذويها في هذه المقبرة، باشرت أعمال البحث عن رفاتهم فور انتهاء العدوان.
وتابع “من وجد عظام ورفات موتاه، نقلها ودفنها في مقبرة أخرى للحفاظ على ما تبقى منهم”.
وأشار إلى أن بعض العائلات، ما زالت حتّى اليوم، تبحث عن رفات موتاها لكنها “لم تعثر على أي منها بفعل القصف العنيف الذي استهدف المقبرة”.
وعن محاولة ترميم القبور وإعادة دفن الرفات يقول نصرالله، إن هناك الكثير من الصعوبة لعمل ذلك، لتداخل رفات الموتى ببعضهم البعض”.
وتفجرت الأوضاع في الأراضي الفلسطينية المحتلة في منتصف شهر أبريل/ نيسان الماضي، بعد محاولة المستوطنين تهجير سكان حي الشيخ جراح واعتداءات شرطة إسرائيل على المسجد الأقصى.
وفي 13 أبريل/نيسان الماضي، تفجرت الأوضاع في فلسطين جراء اعتداءات “وحشية” إسرائيلية بمدينة القدس المحتلة، وامتد التصعيد إلى الضفة الغربية والمناطق العربية داخل إسرائيل، ثم تحول إلى مواجهة عسكرية في غزة استمرت 11 يوماً وانتهت بوقف لإطلاق النار فجر 21 مايو/أيار الماضي.
وأسفر العدوان الإسرائيلي عن 290 شهيدا، بينهم 69 طفلا و40 سيدة و17 مسنا، وأكثر من 8900 مصاب، مقابل مقتل 13 إسرائيليا وإصابة مئات، خلال رد الفصائل في غزة بإطلاق صواريخ على إسرائيل.