“كلنا نعرف من هم القتلة، فهم ينتمون لأحزاب سياسية وميليشيات”، بهذه الكلمات عبّر والد أحد المتظاهرين الذين قتلوا في بغداد في أكتوبر 2019، عن استيائه من عدم مثول الجناة أمام العدالة.
أتت تلك التصريحات في تقرير لبعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي)، صدر في أيار الفائت، ونشر أمس الاثنين، لرصد وتوثيق انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان في التظاهرات التي انطلقت في تشرين الأول 2019 وتواصلت حتى العام الحالي.
“عناصر مجهولة”
فقد وثقت البعثة 48 محاولة أو حادثة اغتيال للمحتجين والمنتقدين، خلال الفترة الممتدة بين الأول من أكتوبر 2019 لغاية 15 أيار 2021.
كما لفتت إلى أن غالبية حوادث إطلاق النار قام بها “عناصر مسلحون مجهولو الهوية”، وأسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 32 وإصابة 21 آخرين.
وأضافت أن هؤلاء المسلحين نجحوا في الإفلات من العقاب، بعد أن قاموا بخطف وتعذيب أو إساءة معاملة ما لا يقل عن 32 متظاهراً، فيما ما زال 20 متظاهراً ممن اختطفتهم مفقودين.
الخوف والسرية أعاقا التحقيقات
يشار إلى أن البعثة الأممية كانت وثقت في تقاريرها السابقة، مجموعة من الحوادث التي تنسب إلى عدد كبير من العناصر المسلحة المعروفة باسم “ميليشيات”.
كما واجهت تحديات كبيرة في جمع المعلومات عن تلك الحوادث بسبب بيئة الخوف والسرية التي تحيط بهوية الجناة.
ورصدت عمليات قتل واختطاف مدبرة مستهدفة محتجين وناشطين وأشخاصا آخرين بارزين بهدف إبعاد العناصر الفاعلة البارزة من مواقع التظاهر وإسكات الأشخاص المعروفين بصراحتهم وإثناء المشاركين عن المشاركة في الاحتجاجات عن طريق زرع الخوف.
إلى ذلك، سجلت 48 حادثة شروع بالقتل أو القتل في جميع أنحاء العراق، معظمها حالات إطلاق نار من قبل مسلحين مجهولي الهوية ما أسفر عن مقتل 32 شخصاً وإصابة 21 آخرين.
كما وقعت 32 عملية خطف لمتظاهرين أغلبهم تعرض لاحقاً للتعذيب وسوء المعاملة واختفى 20 متظاهراً حتى أيار الفائت.
الملاحقات الجنائية
ولم تتمكن بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق من تحديد أي تحقيقات قضائية في الجرائم التي ارتكبتها تلك العناصر المسلحة ضد المتظاهرين والمنتقدين، مشيرة إلى صدور أعداد محدودة من أوامر الاعتقال لجناة مزعومين.
ومنذ تولي الحكومة الحالية مهامها في أيار 2020 قامت بخطوات مرحب بها لتأسيس هيئة مستقلة لتقصي الحقائق، وقدمت تعويضات للضحايا وأسرهم.
كما أنشأ مجلس القضاء الأعلى لجان تحقيق قضائية في كل محافظة، وسجل 8163 حالة انتهاك وتجاوزات وشكاوى تتعلق بالعنف أثناء المظاهرات، وشرع في إجراء آلاف التحقيقات.
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به، ولاسيما تنفيذ أوامر الاعتقال وبدء الملاحقات القضائية لمحاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة ضد الناشطين، وفق البعثة.