أوقفت القوات الأمنية فجر اليوم الأربعاء في بغداد مسؤولاً كبيراً في ميليشيات الحشد الشعبي بتهمة اغتيال ناشطين، على ما أفاد مصدر أمني رفيع وكالة “فرانس برس”، في خطوة غير مسبوقة تأتي غداة تظاهرة في بغداد انتهت بمقتل متظاهرَين بالرصاص.
وأفاد المصدر الأمني بإلقاء القبض على قائد عمليات الحشد في الأنبار قاسم مصلح بتهمة اغتيال الناشط إيهاب الوزني، رئيس تنسيقية الاحتجاجات في كربلاء والذي كان لسنوات عدة يحذر من هيمنة الفصائل المسلحة الموالية لإيران، وأردي برصاص مسلّحين أمام منزله، وناشط آخر هو فاهم الطائي من كربلاء أيضاً.
وفي تعليق لاحق، قالت خلية الإعلام الأمني في العراق إن “اعتقال قيادي في الحشد لا يستهدف أي جهة”، موضحة أن “عملية الاعتقال تمت وفقا للقانون”.
وشددت خلية الإعلام الامني على أن “جميع الأجهزة العسكرية والأمنية تتبع للقائد العام” في العمليات التي تنفذها.
أما زعيم ميليشيات “عصائب أهل الحق” المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني، قيس الخزعلي، فقد اعتبر أن الهدف من عملية الاعتقال هو “إرباك الوضع الأمني وخلط الأوراق ومحاولة إلغاء الانتخابات”، على حد تعبيره.
وطالب الخزعلي، الأمن العراقي، بتسليم القيادي المعتقل إلى أمن الحشد الشعبي.
على إثر الإعلان عن توقيف مصلح، أغلِقت المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد بالكامل بسبب تهديدات من فصائل موالية لإيران احتجاجاً على ذلك، كما أفاد مصدر أمني كبير آخر. وأشارت مصادر خاصة لـ”العربية” و”الحدث” إلى “انتشار عناصر من الحشد الشعبي في المنطقة الخضراء”.
وأوضح المصدر قائلاً: “كانت لدينا خيوط أولية عن الجهة المنفذة لعمليتي الاغتيال، وبعدما جُمعت هذه الخيوط تأكدنا أن هذا الشخص يقف وراء العمليات الجنائية تلك التي استهدفت ناشطين”.
وهذه المرة الأولى التي يجري فيها توقيف مسؤول من هذا المستوى في الحشد الشعبي الموالي لإيران والذي بات منضوياً في الدولة.
وغالباً ما تُنسب الاغتيالات التي استهدفت ناشطين منذ انطلاقة “ثورة تشرين” في العام 2019، إلى فصائل مسلحة موالية لإيران.
وقال المصدر إن الجهة المنفذة لعملية التوقيف هي “لجنة مكافحة الفساد” في “وكالة الاستخبارات” والتي مهمتها توقيف مسؤولين كبار متورطين في قضايا فساد.
وتحدث المصدر الأمني عن وجود توتر تحسباً لتصعيد أو ردة فعل من قبل تلك الفصائل التي تحاول الضغط للإفراج عن مصلح.
وأصدر الحشد الشعبي إثر التوقيف بياناً قال فيه سيتم “الإفراج عنه في الساعات القادمة وستقوم الهيئة بردع الجهات التي تحاول خلط الأوراق”.
ومنذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية في العراق قبل نحو عامين، تعرّض أكثر من 70 ناشطاً للاغتيال أو لمحاولة اغتيال، فيما خُطف عشرات آخرون لفترات قصيرة. وممن تم اغتيالهم على سبيل المثال المحلل المختص على مستوى عالمي بشؤون الجماعات المتطرفة هشام الهاشمي الذي قتل في يوليو 2020 أمام أولاده في بغداد.
ورداً على هذه الاغتيالات، شهدت بغداد، الثلاثاء، تظاهرة شارك فيها الآلاف بدأت بشكل سلمي قبل أن تتحول إلى صدامات بين قوات مكافحة الشغب والمتظاهرين.
وهدفت التظاهرة إلى الضغط على الحكومة لاستكمال التحقيق في عمليات الاغتيال التي وعدت السلطة بمحاكمة مرتكبيها، لكن الوعود لم تترجم أفعالاً.
وانتهت التظاهرة بإصابة أكثر من 150 شخصاً بجروح، بينهم 130 من القوات الأمنية، فيما قُتل متظاهران برصاص قوات الأمن، كما أفاد العضو في المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق علي البياتي في تغريدة.
وإثر تظاهرات الثلاثاء، تعهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بفتح تحقيق “حول حقيقة ما حدث في اللحظات الأخيرة من تظاهرة التحرير لكشف الملابسات”.
وتولت حكومة الكاظمي السلطة عقب استقالة الحكومة السابقة في مواجهة “ثورة تشرين” التي خلفت نحو 600 قتيل ولم تتوقف إلا بعد حملة ترهيب وخطف واغتيالات، لكن الغضب يزداد بين الناشطين وسط شعورٍ بالإحباط إزاء الحكومة الحالية.