منذ بداية طرح البطريرك الماروني مار بشارة الراعي وحديثه حياد لبنان، تقصّد “حزب الله” عدم الدخول في اي سجال سياسي مع بكركي ، حتى ان البعض استغرب يومها كيف ان مناسبات عدة اتيحت للحزب للرد على مواقف البطريرك وتوجهاته ولم يفعل.
من وجهة نظر الحزب ” ان الرد يتسبب بامرين، الاول اثارة حساسية مذهبية وطائفية مع القواعد الشعبية لحلفاء الحزب المسيحيين الذين، وبالرغم من تأييدهم السياسي للحزب لن يقبلوا، وفق العقلية اللبنانية، ان ينتقد حزب من طائفة اخرى مرجعيتهم الروحية، والامر الثاني فتح الباب للقوى المنضوية سابقا تحت”الرابع عشر من اذار” للاستغلال السياسي لرد الحزب بحجة الدفاع عن بكركي.
بقي الامر على ما هو عليه حتى غرًد عضو”كتلة التنمية والتحرير” انور الخليل داعيا الى تطبيق الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة، فرد عليه الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من دون ان يسميه. ونظرا لتقارب التوجهات العامة بين الفصل السابع وطرح التدويل ، تمكنت الاحزاب المسيحية المناهضة للحزب من استغلال رد نصرالله وتصويره كأنه هجوم على بكركي، وتطورت الامور على هذا النحو وصولا الى التجمع في بكركي السبت.
تعتقد مصادر متابعة ان “حزب الله” اخطأ بالتعاطي مع بكركي منذ عدة سنوات، وطبع الفتور علاقته ببكركي منذ زيارة البطريرك الراعي الى الاراضي المقدسة، كما انه تعاطى مع الواقع المسيحي على قاعدة انه ما دام له حليف مثل الرئيس ميشال عون فهو لن يحتاج لاحد سواه”.
وتتابع المصادر” ان بكركي سلّفت” حزب الله” كثيراً من المواقف ايام الحرب السورية، ليس مهما اذا كان ذلك عن قناعة او انطلاقا من رؤية سياسية، ووصل الامر الى حد الايحاء بشكل غير مباشر انه “لولا حزب الله لكان داعش في جونية”. لكن الحزب لم يلاق الراعي في انفتاحه ، ولا حتى في تصديه
قبل نحو سنة لاي محاولة لاستهداف بعبدا، حليف الحزب الاول، عندما كان التحرك الشعبي يخطط لاسقاط رئيس الجمهورية”.
اليوم وصلت الامور الى ما وصلت اليه بين بكركي وحارة حريك، اعلاميا، لكن الواقع ليس بهذا التدهور ، اذ جرى تبادل رسائل منذ عدة اسابيع بواسطة الفرنسيين وعبر اللواء عباس ابراهيم.
سيتعامل “حزب الله” اليوم مع مواقف البطريرك الراعي كما جرى في اليوم الاول، لا ردود ولا اشتباك كلاميا او اعلاميا ، وعلى العكس من ذلك، يبدو ان التواصل سيعود تدريجيا بين البطريرك الماروني والحزب في ضوء الحديث عن اتصالات تجري بين اعضاء لجنة الحوار بين الطرفين لدرس إمكان معاودة اللقاءات المباشرة.
سيتعامل الحزب وفق سياسة احتواء كاملة للحدث الذي حصل في بكركي، وتجنب التصعيد المباشر مع بكركي ، وان كانت الردود السياسية من قبل الحزب ستطال الاحزاب السياسية التي شاركت في اللقاء الشعبي ، والتي بدا واضحا انها سترفع لهجة مطالبتها بالحياد والمؤتمر الدولي. .
اما الحديث عن تحرك شعبي مضاد في وجه بكركي، فتجزم اوساط الحزب، انه ليس واردا وغير مطروح حاليا لاسباب عديدة، اهمها عدم الرغبة بالتصعيد في وجه الصرح البطريركي اضافة الى الوضع الصحي الدقيق والوضع الاجتماعي الذي قد يفتح الباب امام تصعيد في الشارع وانفلات للوضع ، وقد يشكل ذلك ذريعة تستغلها اية جهة تسعى للدفع نحو التصعيد والفوضى.
المصدر: لبنان 24