منذ بداية الازمة السياسية المستجدة في لبنان ومرحبة ما بعد انفجار مرفأ بيروت، تحاول بكركي لعب دور جدي للمساهمة في التوصل الى حل او اقله تخفيف حدة الخلافات .
وبالرغم من ان معظم تصريحات البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعظاته حددت بوضوح مكامن الخلل واولويات المعالجة بشمولية مطلقة ، الا ان البعض حملّها تأويلات مختلفة ووصفها بأنها تصب في اتحاه معين على حساب اطراف اخرى.
في مسألة الحياد مثلا، اوضح البطريرك الراعي مراراً مقصده من الامر، وهو ان ما يطالب به ليس حيادا في الصراع مع اسرائيل، لكنه تحدث في جوانب مرتبطة بالاقليم، وهذا ان كان موضع خلاف مع “حزب الله” لكنه ايضا مدخل جدي للحل ولتخفيف الضغوط على لبنان.
ووفق اوساط سياسية في قوى الثامن من اذار، فإن الهجوم على البطريرك الماروني بهذا الحجم مضر، “حتى لو اردنا اخذه من ناحية المصلحة السياسية، فما هي مصلحتنا بإستعداء بكركي؟”، والاهم، بحسب الاوساط ذاتها، ان النقاش حول التدخلات الاقليمية هو نقاش عام وموجود في الساحة اللبنانية ولكن البطريرك الماروني الذي اضاء عليه بشمولية وتجرد ووضوح، وللمفارقة فان هذا الامر لم يزعج “حزب الله” بالحد الذي يتوقعه الجمهور، بالرغم من انه يخالفه الرأي.
لكن بعيدا عن الحياد الذي يعتبره البعض خطابا سياسيا مؤيدا لخطاب خصوم الحزب، ها هي بكركي لا تحيد ابدا عن الوقوف الى جانب رئاسة الجمهورية، فبالرغم من “تصريحاتها الاخيرة” التي اعتبرت قاسية ضد طرفي التشكيل الحكومي، غير ان البطريرك الراعي يقف موقفا صلباً الى جانب رئاسة الجمهورية وما تمثله وخصوصا في موضوع الصلاحيات.
وهذا يعني ان بكركي تعمل وفق توازنات جدية، وقناعات ثابتة، وحتى اليوم كما تؤكد مصادر مطلعة، فإنها ليست راغبة ابدا في الوقوف ضد الرئيس ميشال عون في مسألة تشكيل الحكومة بل على العكس فهي تضيء على مكامن الخلل وتطالب المعنيين بالحل.
ترى المصادر ان بكركي تريد بشكل حقيقي تقريب وجهات النظر وتريد من الطرفين، اي عون والحريري ، تقديم تنازلات من اجل التشكيل، لكنها ايضا لن تقبل بكسر رئيس الجمهورية.
وعن قول البعض ان التصريحات الاخيرة ادت الى قطع الطريق بين بكركي وبعبدا، نفت المصادر ذلك واوضحت ان لقاء البطريرك الراعي مع وفد من التيار الوطني الحر قبل يومين كان له اثر كبير فعال في انهاء التفسيرات الخاطئة والتأويلات لمواقفه الاخيرة..