يبدأ مجلس الشيوخ الأميركي اليوم الثلاثاء محاكمة تاريخية هي الثانية من نوعها بحق دونالد ترامب ندد بها فريق الدفاع عنه، معتبرا أنها “عمل سياسي وقح” بدافع الانتقام، في حين اعتبر المدعون الديمقراطيون أن الرئيس السابق حرض بإرادته على تمرد عنيف.
وكان مجلس النواب قد وجه التهم إلى ترامب الشهر الماضي على خلفية دوره في اقتحام مبنى الكابيتول الأميركي في 6 يناير/كانون الثاني من جانب حشد من مناصريه.
وفي المحاكمة -التي تعد الأولى من نوعها بحق رئيس سابق- سيقوم أعضاء مجلس الشيوخ البالغ عددهم 100 عضو بمهام هيئة المحلفين.
وندد الفريق القانوني لترامب أمس الاثنين بالمحاكمة، معتبرا أنها انتهاك للدستور، وأنه من “العبث” تحميل الرئيس السابق مسؤولية أعمال العنف.
لكن النواب الديمقراطيين -الذين يتولون مهمة الادعاء في محاكمة ترامب- اعتبروا أن الرئيس السابق ارتكب “انتهاكا للدستور هو الأخطر” في تاريخ الرئاسة الممتد منذ 232 عاما، وذلك بتحريض أنصاره على اقتحام الكونغرس.
وتنعقد المحاكمة فيما لا تزال أغلبية أجزاء مبنى الكابيتول مغلقة وتخضع لتدابير أمنية مشددة بعد شهر على الاضطرابات.
ووسط استمرار المخاوف من هجمات يشنها متطرفون لا يزال 6 آلاف عنصر من الحرس الوطني منتشرين في واشنطن.
وبحسب اتفاق بين الحزبين، تبدأ الإجراءات بنقاش تصل مدته إلى 4 ساعات، يليه تصويت على دستورية المحاكمة نفسها.
وستبدأ المرافعات اعتبارا من يوم غد الأربعاء يحصل فيها كل جانب على 16 ساعة توزع على مدار يومين
ثم يوجه أعضاء مجلس الشيوخ الأسئلة على الجانبين، وفي حال أراد أي طرف استدعاء شهود يطرح الأمر للتصويت، مع ضرورة أن يحصل على أغلبية الأصوات، علما بأن ترامب رفض طلبا أرسله إليه المدعون العامون الديمقراطيون للاستماع إلى شهادته تحت القسم.
وقد تضرر ترامب سياسيا بشدة لأسباب، منها تمسكه بمزاعم عن تزوير الانتخابات، لكنه لا يزال يتمتع بثقل في الحزب الجمهوري.
وبعدما وجهت له تهمة “التحريض على التمرد” من المرجح أن يتفادى الإدانة نظرا للولاء الذي يحظى به في مجلس الشيوخ، لكن محاميه ذكروا في وثائقهم التي سلمت عشية المحاكمة أن الدستور لا يمنح المجلس صلاحية محاكمة رئيس سابق.
وكتب المحامون ديفيد شون وبروس كاستور ومايكل تي فان دير فين أن “على مجلس الشيوخ أن يرفض بسرعة هذا العمل السياسي الوقح” لأن “من الواضح أن هذا ليس ما أراده واضعو الدستور ولا ما يسمح به الدستور”.
وأضافوا أن “الاستجابة لتعطش الديمقراطيين في مجلس النواب لهذه المسرحية السياسية خطر على الديمقراطية والحقوق التي نعتز بها”.
بايدن: سنترك الأمر لمجلس الشيوخ
من جانبه، رفض الرئيس جو بايدن -الذي خلف ترامب في 20 يناير/كانون الثاني الماضي- التطرق إلى مسألة ما إذا كان ينبغي إدانة ترامب أو حرمانه من تولي أي منصب عام في المستقبل.
وقال بايدن إن الرئيس السابق دونالد ترامب حصل على عرض للإدلاء بشهادته أمام مجلس الشيوخ الذي تبدأ محاكمته اليوم الثلاثاء، لكنه قرر عدم القيام بذلك.
ولاحقا، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي للصحفيين إن بايدن ترشح ضد ترامب في 2020 “لأنه شعر أنه (ترامب) ليس أهلا للمنصب”، لكنها أضافت أن الرئيس “سيترك الأمر لمجلس الشيوخ لينظر في مسار هذه المحاكمة”.
وفي حال أدين ترامب بالتهمة الموجهة إليه (تتطلب الإدانة أكثرية الثلثين) فإن مجلس الشيوخ سيجري على الإثر تصويتا بالأغلبية البسيطة، لمنعه من تولي أي منصب عام في المستقبل.
ويقول النواب الديمقراطيون -الذين يتولون مهمة الادعاء في محاكمة ترامب- إن “محاولاته للتهرب من مسؤوليته غير مجدية”، في إشارة إلى الطلب الذي قدمه محاموه، مشددين على أن “الأدلة” ضده “دامغة”.
وقال رئيس فريق الادعاء جيمي راسكين إن “التحريض على التمرد ضد حكومة الولايات المتحدة -والذي عرقل الانتقال السلمي للسلطة- هو أخطر جريمة دستورية يرتكبها رئيس”.
ولاء محافظين
وستجرى المحاكمة في القاعة نفسها التي اقتحمها مثيرو الشغب مهددين حياة نواب كانوا يصدقون على فوز بايدن.
وفي وقت سابق، قال فريق الادعاء إن ترامب -الذي خاطب أنصاره في واشنطن قبل وقت قصير من الاعتداء- “مسؤول بشكل فردي” عن الاضطرابات التي أودت بحياة 5 أشخاص.
وقالوا إن تبرئة ترامب -الذي نجا من الإدانة في أول محاكمة بغرض عزله في 2020- يمكن أن تلحق ضررا بالغا بالديمقراطية الأميركية.
لكن إدانته تتطلب أصوات أكثر من ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ، أي أن ينشق 17 جمهوريا وينضموا إلى 50 ديمقراطيا، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا.
تحقيق في مساعي ترامب لقلب النتيجة بجورجيا
قال مسؤول في مكتب سكرتير ولاية جورجيا الأميركية لرويترز إن المكتب فتح تحقيقا رسميا في محاولات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب لتغيير نتائج الانتخابات في الولاية عام 2020، في خطوة قد تؤدي إلى تحقيق جنائي تجريه الولاية والسلطات المحلية.
وواجه سكرتير الولاية براد رافينسبرغر دعوات لفتح تحقيق بعد تسجيل مكالمة هاتفية لترامب في 2 يناير/كانون الثاني الماضي ضغط خلالها عليه لتغيير نتائج انتخابات الولاية بناء على مزاعم كاذبة بشأن تزوير أصوات الناخبين.
وقال والتر جونز المتحدث باسم مكتب سكرتير الولاية “يحقق مكتب سكرتير الولاية في الشكاوى التي يتلقاها”، ووصف التحقيق بأنه “إداري لتقصي الحقائق”.
وأضاف أن التحقيق جاء نتيجة شكوى قدمها أمس الاثنين جون بانزاف أستاذ القانون في جامعة جورج واشنطن.
وقال جاسون ميلر -وهو مستشار لترامب- “لم يكن هناك أي شيء غير لائق أو غير مرغوب فيه بشأن مكالمة محددة بين الرئيس ترامب وسكرتير الولاية رافينسبرغر والمحامين من الجانبين، إذا لم يرغب السيد رافينسبرغر في تلقي مكالمات بشأن الانتخابات فما كان ينبغي عليه الترشح لمنصب سكرتير الولاية”.
ويقول خبراء قانونيون إن مكالمات ترامب الهاتفية ربما تكون قد انتهكت ما لا يقل عن 3 قوانين انتخابية جنائية للولاية: التآمر لتزوير الانتخابات، والتحريض الجنائي لتزوير الانتخابات، والتدخل المتعمد في أداء واجبات الانتخابات، ويعاقب على الجنايات والجنح بالغرامة أو بالحبس.
وقال الخبراء إنه إذا تمت مقاضاة ترامب فسيقول على الأرجح إنه يعتقد حقا أن الانتخابات تم تزويرها.
وأشاروا إلى أن القوانين الجنائية تتطلب عقد العزم على ارتكاب الجريمة أو النية المتعمدة لتنفيذ الجريمة.
ويرون أن هذه قد تكون عقبة كبيرة من الصعب تجاوزها في هذه القضية.