استيقظ العالم، الإثنين، على نبأ انقلاب عسكري في ميانمار من شأنه الإطاحة في آن واحد بالديمقراطية وبحقوق مسلمي الروهنغيا في البلاد، بحسب مراقبين.
وأعلن جيش ميانمار، صباح الإثنين، تعهده بإجراء انتخابات جديدة في البلاد مع ضمان انتقال السلطة للفائز بها، بعد ساعات على تنفيذه انقلابا عسكريا.
جاء ذلك في بيان نسب إلى الجيش، ونقله موقع شبكة “مياوادي” التليفزيونية المحلية المملوكة للمؤسسة العسكرية.
كما نقلت الشبكة عن رئيس الأركان مين أونغ هلنغ، قوله إنّ الجيش “سيكشف بوضوح كافة المخالفات وعمليات التزوير التي شهدتها الانتخابات الأخيرة التي جرت في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي؛ على أن يتخذ الإجراءات بهذا الشأن في وقت لاحق”.
وأدلى هلنغ بتصريحاته خلال اجتماع لمجلس الأمن والدفاع الوطني، عقد صباح اليوم، حسب المصدر ذاته.
وفي السياق، أفادت الشبكة بأن الجيش سيعمل على مدار عام – تم إعلان حالة الطوارئ بموجب دستور البلاد للعام 2008 – على تسريع إجراءات مكافحة فيروس كورونا والوقاية منه، إضافة إلى تنفيذ محاولات للإصلاح الاقتصادي ودفع عملية السلام في البلاد.
وحول أوضاع البلاد عقب الانقلاب، ذكرت صحيفة “ميانمار تايمز” أن “معظم المحال التجارية في مدينة “يانغون” الرئيسية ستخفف عدد ساعات العمل نظراً للأحداث التي تمر بها البلاد”.
ولم يرد مزيد من المعلومات حول الانقلاب، مثل عدد الأشخاص المعتقلين، وذلك بسبب انقطاعات في الاتصالات الهاتفية والإنترنت، ما جعل من الصعب الحصول على المزيد من التفاصيل.
فيما يقول الجيش إن العمليات المصرفية عادت إلى طبيعتها بعد أن عانت من تأخيرات بسبب انقطاع الإنترنت والاتصالات، بحسب وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية.
وفجر اليوم، نفذ قادة في الجيش انقلابا عسكريا، جرى خلاله اعتقال كبار قادة بالدولة، بينهم رئيس البلاد وين مينت، وزعيمة حزب “الرابطة الوطنية للديمقراطية” الحاكم، المستشارة أونغ سان سوتشي، وفق تقارير إعلامية.
ويأتي الانقلاب بالتزامن مع أول جلسة مقررة لمجلس النواب المنبثق عن الانتخابات التشريعية الأخيرة، وهي الانتخابات الثانية التي تجري منذ انتهاء الحكم العسكري عام 2011.
ويعرف قائد الانقلاب، وقائد الجيش في ميانمار الجنرال مين أونغ هلينغ (الحاكم العسكري)، الذي تسلم اليوم مقاليد السلطة بأنه متهم بارتكاب “فظائع” ضد مسلمي الروهينغا.
كما أنه مدرج على قائمة العقوبات الأمريكية منذ ديسمبر/ كانون الأول 2019 وذلك على خلفية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان ضد الروهنغيا في البلاد، وهم أقلية مسلمة يعيشون في ميانمار ذات الغالبية البوذية، بحسب ما ذكرت شبكة “سي إن إن” الأمريكية.
والأربعاء الماضي، قال قائد الجيش الجنرال “هلينغ” إن إلغاء الدستور الذي أقر عام 2008 قد يكون “ضروريا” في ظل ظروف معينة.
غير أن الجيش، أعلن السبت، الالتزام بدستور البلاد، في ما اعتبره مراقبون تراجعا عن تهديد قائد الجيش، وهو ما أثار مخاوف دولية.
ولاحقا أصدر الجيش بيانا قال إنه أسيء فهم تصريحات قائده، وشدد على التزام المؤسسة العسكرية وبدستور البلاد.
يشار أن الجيش كان قد حكم ميانمار حتى بدء إصلاحات ديمقراطية في العام 2011.
من جهتها، دعت زعيمة ميانمار المعتقلة، أونغ سان سوتشي شعب بلادها إلى الخروج في تظاهرات رفضا للانقلاب العسكري.
وقالت سوتشي، في بيان صدر باسمها، إنّ الجيش “يحاول إعادة فرض الديكتاتورية”، وإنها تدعو الشعب إلى “رفض ما يحدث، والرد بإخلاص والخروج في تظاهرات مناهضة للانقلاب العسكري”، حسبما نقلت وسائل إعلام محلية ودولية.
وفي أقوى رد فعل دولي، أعربت واشنطن عن استعدادها “لاتخاذ إجراءات ضد المسؤولين إذا لم يتم التراجع عن هذه الخطوات”، قائلة إننا “نراقب الوضع عن كثب”، بحسب بيان صادر عن البيت الأبيض.
وفي بيانات رسمية وغيرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أعربت كل من بريطانيا وأستراليا وألمانيا وإندونيسيا والهند عن قلقها وإدانتها لهذه الخطوة، التي يرى مراقبون أنها قد “تطيح بالديمقراطية، وبحقوق مسلمي الروهنغيا بآن واحد في البلاد”.
وتواجه أقلية الروهنغيا المسلمة، حملة عسكرية وحشية في ولاية “أراكان” الغربية في ميانمار، ولجأ أكثر من 1.2 مليون منها إلى منطقة “كوكس بازار”، جنوب شرق بنغلاديش.
وفي أغسطس/ آب 2017، أطلق جيش ميانمار ومليشيات بوذية متطرفة، حملة عسكرية دامية بحق الروهنغيا، وصفتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة آنذاك بأنها “تطهير عرقي”.
وتعتبر حكومة ميانمار، الروهنغيا “مهاجرين غير نظاميين” من بنغلاديش، فيما تصنفهم الأمم المتحدة “الأقلية الأكثر اضطهادا في العالم”.