كتبت “المركزية”:
تحرّكت من جديد عجلات الوسطاء بين بعبدا وبيت الوسط. أكثر من جهة، دخلت على الخط، دفعة واحدة. هل هي صدفة ام ثمة تنسيق بين هذه القوى المتمثلة بالبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري وحزب الله، والمدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم؟ لا يمكن الجزم في هذه المسألة سلبا ام ايجابا.
لكن الاكيد وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، هو ان مساعي هؤلاء ليست مضمونة، وان مصيرها مرتبط بقوّة بما يريده حزب الله، اللاعب الاقوى على طاولة التأليف، وإن هو بقي مصرا على “التواضع” في هذا الشأن. بكركي حاولت سابقا، ولم تنجح في التوفيق بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري. الى ان قررت التحرك من جديد امس، فأوفدت المطران بولس مطر الى بيت الوسط لزيارة سيّده.
أما ابراهيم فينشط منذ ايام بعيدا من الاضواء بين الطرفين، بعد ان كان زار الصرح البطريركي، للتنسيق “حكوميا”، على ما يبدو، في حين التقى الراعي ايضا في الساعات الماضية، النائب أنور الخليل موفدا من بري… فهل يمكن ان يتمكّن الراعي في وساطته المتجددة، من تحقيق خرق ما، في المشهد المقفل؟
الجواب من جديد، عند حزب الله. فالمصادر لا تستبعد ان يكون الاخير قرر التشمير عن ساعديه والدخول الى الحلبة الآن، بعد انتقال الادارة الاميركية رسميا من الرئيس دونالد ترامب الى الرئيس الديموقراطي جو بايدن اليوم. فبعد ان ارتاح الى انه تخلّص من شروط الجمهوريين القاسية، لبنانيا، ومن احتمالات شنّهم حربا على ايران في المنطقة، وجد ان الوقت حان لمحاولة استيلاد حكومة… وللغاية، من غير المستبعد ان يكثّف اتصالاته وضغوطه على ميرنا الشالوحي لخفض سقفها وفكّ أسر التأليف. لكن الحزب، لن يرضى بطبيعة الحال، بأي حكومة، تتابع المصادر، بل سيضغط من اجل تركيبة تلاقي تطلّعاته وطموحاته، اي حكومة سياسية، تتمثل فيها الكتل النيابية وفق احجامها، تختار فيها الاخيرة وزراءها، على ان يكونوا من اصحاب الاختصاص، أي بالمختصر، يريدها نسخة منقّحة عن حكومة حسان دياب.
وبحسب المصادر، فإن “الحزب” سيفعّل اتصالاته من اجل النجاح في تشكيل حكومة كهذه، في أقرب وقت، لانه يعلم تماما ان سياسية بايدن في الشرق الاوسط عموما ولبنان خصوصا، ستكون امتدادا لسياسة ترامب، ولن تختلف عنها، لا في النظرة الى القضية الفلسطينية والى ايران وأذرعها العسكرية وأوّلها حزب الله ودورها في المنطقة ولبنان، ولا في تشديدها على ضرورة مكافحة الفساد والاصلاحات كشرط لمساعدة الدولة اللبنانية… اي ان الحزب سيحاول فرض الحكومة هذه كأمر واقع في لبنان، بسرعة، قبيل اتّضاح موقف واشنطن الحاسم من كيفية تعاطيها مع الشأن اللبناني، والذي لن يتبلور قبل أشهر.
عليه، تضيف المصادر، من المرجّح ان تنجح المساعي المتجددة في تأمين لقاء بين عون والحريري، وبذلك يكون الحزب اظهر للجمهور انه يعمل للتسهيل لا للتعقيد… غير ان ابصار الحكومة النور اثر هذه الوساطات، سيكون مستبعدا، لأن الحريري سيرفض – كما هو ظاهر حتى الساعة – صبغَ حكومته بلون سياسي وسيتمسك ببنود المبادرة الفرنسية للتأليف، لانها الوحيدة القادرة على فتح باب المساعدات الدولية امام لبنان…