جاء في “المركزية”:
يتّجه الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون العائد الى بيروت في 22 الجاري، للمرة الثالثة منذ آب الماضي، يتّجه الى مقاطعة لبنان الرسمي، والى حصر زيارته بمعايدة القوة الفرنسية العاملة في اطار قوات اليونيفيل جنوبا”، على ان يلتقي بعض ممثلي المجتمع المدني، قبل ان يعرّج “بروتوكوليا” لا اكثر، على قصر بعبدا في 23 كانون، ويغادر لبنان.
الكلام يكثر في الداخل عن ان عدم إحراز اي تقدّم في المسار الحكومي قبل وصول الزائر الفرنسي، سيدفع الأخير الى نفض يديه نهائيا من الملف اللبناني، ويُقال ايضا ان ترك فرنسا المركبَ اللبناني الغريق لمصيره، ستبدأ مفاعيله بالظهور جلية، بعيد مغادرته بيروت، حيث ستتوقف نهائيا المبادرة الفرنسية التي تنازع اصلا منذ مدّة. لكن في المقابل، ثمة معطيات أخرى، تفيد بأن باريس ليست في هذا الصدد ولن تترك لبنان وتتخلى عنه. فمصادر سياسية اوروبية مطّلعة تكشف لـ”المركزية”، عن مشروع يجري العمل على انضاجه على نار خفيفة في الاليزية، لانقاذ لبنان من أزمته السياسية، شبيه باتفاق الطائف الذي أسكت المدافع بداية التسعينيات، وبتفاهم الدوحة الذي جرّ اليه اجتياح حزب الله لبيروت في ايار 2007. المصادر تقول ان خلية من الخلايا التي تتابع الملف اللبناني، تعكف حاليا على رسم معالم الخطة الانقاذية هذه، الا ان بلوغها خواتيمها، وانتقالها من النظري الى العملي لا يزال غير مضمون.
هذا المشروع – الذي يعكس اصرار فرنسا على عدم إخلاء الساحة اللبنانية، لسواها، لاعتبارات اقليمية لها علاقة بصراعها مع تركيا ولأن التراجع سيشكّل “هزيمة” لماكرون امام الرأي العام الفرنسي والاقليمي والدولي – يلحظ ما يلي: اجراء انتخابات مبكرة لأنها المخرج الأسلم للانتهاء من الطبقة السياسية الحاكمة ولمنع قيام اي مواجهة عسكرية في لبنان. مضاعفة فرنسا حجم مشاركتها في قوة حفظ السلام في الجنوب، لتفعيل دورها في الداخل اللبناني، على غرار ما فعلت سوريا ابان الحرب اللبنانية في قوات الردع العربية عندما ضاعفت عددها وباتت قوة الردع مؤلفة منها دون غيرها من القوات العربية. وفي المشروع ايضا: ان تتولى فرنسا مع الجيش وقوات اوروبية اخرى المانية وبريطانية، ضبط الحدود البحرية والبرية بين لبنان واسرائيل، ولبنان وسوريا، وترسيمها لوقف التهريب ونقل السلاح ومنع اي جهة او طرف محلي او اقليمي من استخدام الجنوب لبعث الرسائل الساخنة وابقاء هذه الجبهة مفتوحة لاطراف تسعى من خلالها لتحقيق غاياتها في المنطقة في زمن “التطبيع”. وتنتهي الدراسة الى التأكيد ان لا نزع لسلاح حزب الله بالقوة. وتشير الى موضوع حزب الله في لبنان يحل اقليميا بين اميركا وايران بحيث يتحول حزب الله الى حزب سياسي ويتخلى عن سلاحه ويعود الى لبنان. وللوصول الى هذه الوضعية يفترض تقوية الجيش الذي سيكون له دور في عملية نزع سلاح حزب الله وضبط الامن. وتفيد الدراسة بأن معالجة ملف حزب الله يجب ان يتم بحوار داخلي اقليمي دولي بعيدا من العنف او اي عملية امنية او ضربة اسرائيلية خشية الدخول في حرب اهلية.
فهل يمكن ان نشهد اجتماع “سان كلو” جديدا في الاشهر المقبلة؟ الامر وارد بقوة لكن لا جواب حاسما بعد. غير انه، ووفق المصادر، من المستبعد ان تترك باريس لبنان وتمشي، رغم استيائها العارم من المنظومة الحاكمة وقلّة مسؤوليتها ورعونتها.