كتب منبر الربيع في “المدن”: أكثر من خلفية ودافع أسهم في إعادة تحريك الملف الحكومي. ضغوط خارجية صريحة لتشكيل حكومة لبنانية، وفق مقتضيات الطرح الدولي، أو بما يتلاءم مع شروط المجتمع الدولي.
يمكن تقسيم تلك الضغوط الخارجية إلى أربعة.
الأول، الضغط الأميركي الذي يعتبر أن الحريري يماطل بانتظار خروج دونالد ترامب من البيت الأبيض، ومجيء جو بايدن ليشكل حكومة مع حزب الله، مراهناً على تراجع منسوب الضغوط الأميركية حينها. لذلك، تحاول الإدارة الحالية الضغط لمعرفة كيف ستتشكل هذه الحكومة. وبحال كان حزب الله مشاركاً فيها، بشكل مباشر أو عبر اختصاصيين، فسيتم فرض عقوبات على الحريري أو على أشخاص مقربين منه ومن فريقه.
الثاني، ضغط فرنسي مستمر في محاولة لإنقاذ ما تبقى من المبادرة الفرنسية، ودعم زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون واستقباله بحكومة جديدة، على نحو يوحي أن باريس نجحت في لبنان ولم تفشل، بما يعود لفرنسا من مكاسب وانعكاسات وتداعيات على وضعها بالمنطقة، من العلاقة مع إيران إلى العلاقة مع إدارة بايدن، وتثبيت فرنسا لنفوذها في لبنان وقدرتها على التأثير والتقرير.
الثالث، ضغط أوروبي يقف خلف المبادرة الفرنسية. لكنه يهدف إلى استعادتها وفق ما كانت عليه بداية، وانتشالها من خانة التنازلات التي قدمتها فرنسا على مذبح السياسة اللبنانية، منذ الموافقة على خرق مبدأ المداورة حول وزارة المال، إلى التفاهم والتقارب مع إيران وحزب الله، وإعادة تعويم الحزب في الداخل اللبناني، بينما غالبية الدول الأوروبية، وعلى رأسها ألمانيا، صنفت الحزب بشقيه السياسي والعسكري تنظيماً إرهابياً.
الضغط الرابع، هو الضغط العربي والخليجي. مصر التي كانت مواكبة للمبادرة الفرنسية وشريكة فيها، سجلت اعتراضات كثيرة على المسار التنازلي الذي سلكته فرنسا. وأبدت القاهرة اعتراضاتها سابقاً، فيما استمرت مساعيها مع القوى المحلية ومع الفرنسيين، في محاولة لإيجاد صيغة يتوافق عليها الجميع. وقد تفعّل التحرك المصري في لبنان بمواكبة زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا ولقائه ماكرون، وتمريرهما معاً موقفاً حول وجوب تشكيل حكومة لبنانية. المسعى المصري الذي يتعاطى بواقعية، تقابله شروط معروفة مسبقاً من قبل السعودية ولا مجال للتنازل عنها. وهي أن الحكومة يجب أن تتشكل من دون مشاركة حزب الله، ولا تنازل فيها لصالح عون، ولا أن يتمثل فيها أي طرف فرضت عليه عقوبات أميركية. عدا عن ذلك، لن تكون السعودية معنية بالملف اللبناني، ولا بتقديم أي دعم، أياً كان الموقف الدولي أو الأميركي.
خيارا الحريري
دخل الفرنسيون على الخط، في محاولة لإنقاذ مبادرتهم. والحريري اليوم يقف أمام خيارين: إما أن يقدم التنازلات المطلوبة لعون وباسيل، ومنها “الثلث المعطّل” -وبحال فعل تتشكل الحكومة- وإما أن يبقى على موقفه، فلا يحصل على أسماء وزراء حزب الله. وبالتالي تستمر المراوحة.
حسب بعض المعلومات، فإن باسيل ما زال يصرّ على وزارة الطاقة، فيما التدخل الفرنسي حاول العمل على إقناع الحريري بأن يتلقف من باسيل مجموعة أسماء لوزارة الطاقة، لا يحملون صفة مستشارين، وهو يختار واحد من بينهم. وعلى هذا، عاد الحريري وتمسك بوزارة الداخلية، بما أن المداورة قد سقطت.
طوال يوم الثلاثاء، كان الحريري يفعّل اتصالاته مع مختلف القوى. وبحال كانت نيته تقديم التنازل لعون وإرضائه والتفاهم معه، يتسلّم صباح الأربعاء أسماء وزراء حزب الله، ويذهب بتشكيلة كاملة للحكومة يفترض أن تتألف سريعاً. أما بحال أصر على موقفه، فلن يوقع عون على أي حكومة، وحزب الله سيكون إلى جانب رئيس الجمهورية.
طوال يوم الثلاثاء، كان الحريري يفعّل اتصالاته مع مختلف القوى. وبحال كانت نيته تقديم التنازل لعون وإرضائه والتفاهم معه، يتسلّم صباح الأربعاء أسماء وزراء حزب الله، ويذهب بتشكيلة كاملة للحكومة يفترض أن تتألف سريعاً. أما بحال أصر على موقفه، فلن يوقع عون على أي حكومة، وحزب الله سيكون إلى جانب رئيس الجمهورية.
وهنا تشير المعلومات إلى أن الحريري سيحمل تشكيلة يراها مناسبة، ويضعها بين يدي رئيس الجمهورية، وفق ما قاله له في لقاء الاثنين. إذ أن عون أبلغ الحريري عدم موافقته على كل الصيغ التي قدمها حتى الآن، وطلب منه تقديم صيغة جديدة. عندها قال الحريري انه سيقدم التشكيلة التي يراها مناسبة ويرمي المسؤولية على عاتق عون.
لن يحسم شيء قبل الربع الساعة الأخير من موعد زيارة رئيس الحكومة إلى بعبدا.