تصاعدت الاحتجاجات في الدول العربية والإسلامية على تطاول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- وتزايدت الدعوات الرسمية والشعبية لمقاطعة البضائع الفرنسية ردا على موقف ماكرون، بالمقابل قال الأخير إنه لن يتراجع بعدما دعم نشر الرسوم الكاركاتيرية المسيئة للنبي الكريم.
وفي أحدث ردود الفعل، استدعت وزارة الخارجية الباكستانية السفير الفرنسي المعتمد في إسلام آباد مارك بريتي، وسلمته رسالة احتجاج شديدة اللهجة استنكارا للرسومات المسيئة للرسوم محمد (صلى الله عليه وسلم)، وتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون المعادية للمسلمين.
وقال بيان لوزارة الخارجية إن باكستان لا يمكنها السكوت على مثل هذه الإساءات.
من جانبه، قال رئيس وزراء باكستان، عمران خان، إن تشجيع الرئيس الفرنسي للرسوم المسيئة للرسول (صلى الله عليه وسلم(، يجرح مشاعر المسلمين في جميع أنحاء العالم.
ودعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، شعب بلاده إلى مقاطعة المنتجات الفرنسية، على خلفية دعوات فرنسية لمقاطعة المنتجات التركية.
جاء ذلك في كلمة ألقاها خلال حفل افتتاح أسبوع المولد النبوي الشريف، في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة.
وقال أردوغان في هذا الخصوص: “أوجه نداءً إلى شعبي وأقول: لا تشتروا المنتجات الفرنسية أبدا”.
ووجه الرئيس أردوغان دعوة لكافة زعماء العالم، للوقوف إلى جانب المسلمين المظلومين في فرنسا.
وأشار إلى أن التهجم على الإسلام والمسلمين “بدأ بتشجيع من زعيم فرنسا (ماكرون) المحتاج لعلاج عقلي”.
وتابع قائلا: “العداء للإسلام والمسلمين أصبح سياسة مدعومة على مستوى الرؤساء في بعض الدول الأوروبية”.
وخاطب أردوغان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قائلا: “أين حرية الأديان التي تزعمونها، كيف لأكثر من مئة شرطي أن يداهموا مسجدا في بلادكم؟”.
ولفت الرئيس التركي إلى أن مداهمة الشرطة الألمانية لمسجد وقت صلاة الفجر “ليست حدثا عاديا”.
وحذّر أردوغان الأوروبيين من أنهم لن يستطيعوا تحقيق أي مكسب من معاداة الإسلام والمسلمين.
وأضاف أن العنصرية ومعاداة الإسلام مرضان نفسيان يطيحان بالملكات العقلية للإنسان مهما يكن عمله أو منصبه.
وحول الإسلاموفوبيا قال أردوغان: “لا يمكن للبرلمان الأوروبي تجاهل هذه المسألة وهو الذي يعبر دوما عن رأيه في كل قضية تتعلق ببلدنا”.
مقاطعة توتال
وفي لبيا دعا المجلس الأعلى للدولة (هيئة رسمية استشارية) أمس حكومة الوفاق إلى إلغاء صفقة شراء توتال الفرنسية حصة ماراثون أويل ليبيا في شركة الواحة للنفط، والتي تتبع المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا.
وحث المجلس الأعلى في بيان مجلس الوزراء على تحمل مسؤولياته الدينية والقانونية والأخلاقية والرد على التطاول على شخص النبي الكريم، بإيقاف التعامل الاقتصادي مع الشركات الفرنسية، كما دعا المجلس الجهاز القضائي إلى سرعة البت في طعن مقدم من المجلس ضد صفقة شركة توتال.
وكان الرئيس الفرنسي قال الأربعاء الماضي إن بلاده لن تتخلى عن الرسوم الكاركاتيرية (المسيئة للإسلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم)، ما أشعل موجة غضب في أنحاء العالم الإسلامي، وأطلق حملات واسعة لمقاطعة البضائع الفرنسية، فضلا عن مواقف رسمية من العديد من الدول العربية والإسلامية منددة بما يجري في فرنسا من تطاول على رموز الإسلام.
احتجاجات
ففي تونس، شهدت مدينة تطاوين جنوب شرقي البلاد أمس مسيرة للتنديد بالرسوم المسيئة للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ورفع المشاركون في المسيرة شعارات تندد بالرسوم المسيئة وبإعادة نشرها، وتدين الموقف الفرنسي الرسمي من تلك الرسوم. ومسيرة تطاوين هي الأولى التي تنتظم في تونس بعد حادثة قتل مدرس فرنسي على خلفية الرسوم المسيئة للرسول الكريم، وكان نشطاء تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي دشنوا حملة تدعو لمقاطعة البضائع الفرنسية.
وفي فلسطين، أحرق متظاهرون أمس الأحد صورا للرئيس الفرنسي خلال وقفات في قطاع غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة تنديدا بتصريحاته المسيئة للإسلام، ورفع متظاهرون لافتات منددة بالإساءة لنبي الإسلام واستفزاز مشاعر المسلمين.
وفي اليمن، نظم عشرات المواطنين وقفة احتجاجية أمس الأحد بمدينة تعز جنوب غربي البلاد للتنديد بإساءات ماكرون للإسلام ونبيه عليه الصلاة والسلام، كما أحرق المشاركون في الوقفة العَلَم الفرنسي وصور ماكرون.
وفي سوريا، ذكرت وكالة الأناضول أن العشرات تظاهروا أمس في مدينتي جرابلس وتل أبيض شمالي البلاد للاحتجاج على تصريحات الرئيس الفرنسي الأخيرة ضد الإسلام، وحمل المحتجون لافتات كُتب عليها “الإسلام دين السلام”، و”لا مكان للإرهاب” و”فداك نفسي يا رسول الله” و”مقاطعة المنتجات الفرنسية”.
المواقف
وطالبت الكويت -أمس الأحد- فرنسا بوقف الإساءة للأديان والأنبياء في الخطابات الرسمية. وأبلغ وزیر الخارجیة الكویتي أحمد ناصر المحمد الصباح، سفيرة فرنسا لدى بلاده آن كلیر لو جیندر بـ”ضرورة وقف الإساءات للأدیان السماویة كافة والأنبیاء عليهم السلام في بعض الخطابات الرسمية”.
من جهته، أدان المغرب -أمس الأحد- “الإمعان” في نشر رسوم الكاركاتير المسيئة للإسلام وللرسول، مستنكرا هذه الأفعال “التي تعكس غياب النضج لدى مقترفيها”.
ولفت بيان لوزارة الخارجية إلى أن “المغرب يدين بشدة الإمعان في نشر رسوم الكاركاتير المسيئة للإسلام وللرسول سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام”.
وأدانت قطر، الإثنين، تصاعد خطاب التحريض الشعبوي ضد الأديان، وتعمد الإساءة للنبي محمد عليه السلام.
وأكدت وزارة الخارجية القطرية، في بيان، رفضها التام لكافة أشكال خطاب الكراهية المبني على المعتقد أو العرق أو الدين.
وأفاد البيان بأن “هذا الخطاب التحريضي الشعبوي شهد منعطفا خطيرا باستمرار الدعوات المؤسسية والممنهجة لتكرار استهداف ما يقارب من ملياري مسلم حول العالم”.
وحذرت قطر من “تعمد الإساءة إلى شخص الرسول الكريم، الأمر الذي ترتب عليه تزايد في موجات العداء تجاه مكون أساسي من مكونات المجتمع في دول العالم المختلفة”.
ودعت قطر المجتمع الدولي إلى الوقوف أمام مسؤوليته في نبذ الكراهية والتحريض، مؤكدة على دعم قيم التسامح والعيش المشترك، والعمل على إرساء مبادئ الأمن والسلم الدوليين، حسب البيان ذاته.
المقاطعة
واكتسبت دعوات مقاطعة البضائع الفرنسية زخما في الدول العربية والإسلامية، حيث انتشرت دعوات المقاطعة والوسوم المدافعة عن الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام بشكل كبير للغاية على مواقع التواصل الاجتماعي.
ففي مصر، سخر مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي من ماكرون، وتم تداول قائمة بالعلامات التجارية الفرنسية، ودعا المدونون إلى مقاطعتها.
وفي الكويت، أعلن اتحاد الجمعيات التعاونية الاستهلاكية مقاطعة المنتجات الفرنسية، وقرر عدد من الشركات التجارية وخدمات البيع الإلكتروني في قطر إيقاف بيع وتسويق المنتجات الفرنسية، وعملت على حذفها من مواقعها الإلكترونية، استجابة لحملة المقاطعات العربية للبضائع والمنتجات الفرنسية.
وفي تونس، قال النائب المستقل في مجلس الشعب (البرلمان) ياسين العياري إن سيوجه رسالة إلى الرئيس قيس سعيد يطلب فيها إلغاء القمة الفرانكفونية المقررة في تونس العام المقبل، وذلك احتجاجا على الإساءة الفرنسية للنبي محمد عليه الصلاة والسلام، والتحقير من معتقدات المسلمين.
وتصدرت عدة وسوم منصات التواصل الاجتماعي في عدد من الدول العربية والإسلامية رفضا لتصريحات ماكرون، ومنها “#إلا رسول الله يا فرنسا”، و”#إلا رسول الله”، و”#مقاطعة البضائع_الفرنسية”، واحتل وسم يدعو لمقاطعة سلسلة متاجر كارفور الفرنسية المركز الثاني لأكثر الوسوم متابعة أمس الأحد في المملكة العربية السعودية.